الكنيسة المصرية. بقلم: محمد شريف كامل
الكنيسة المصرية. بقلم: محمد شريف كامل

الكنيسة المصرية. بقلم: محمد شريف كامل

أعلم انني أخوض في أمر شائك، ولكن مصلحة الوطن والسعي لبناء وطناً لكل المواطنين أمر لا حرج فيه، فلقد ظل ملف الكنيسة مغلق ولَم يستطع أحد الأقتراب منه لكونه مرتبط بإيمان قطاع من الشعب به ولأنه مرتبط بمفهوم ديني لدى المسيحيين، ولست بصدد الحديث عن ذلك المفهوم الديني في "السر الكنسي"  فهو أمر خاص بالمؤمنين به، ولكني أرى أن الوقت قد حان لفتح ذاك الملف بشكل هادئ وبلا حساسيات.

 

فبين الحين والآخر تصاب الكنيسة بخلاف داخلي يؤدي لشلح أحد الرهبان ولو أن الامر مرتبط بالمفاهيم الدينية لوجدنا ذلك الراهب المشلوح ينزوي ويعيش حياته متعبدا بعيدا عن الأضواء إلا أن البعض يتعامل مع الأمر بشكل مختلف ومنهم في الأونه الاخيرة حادثة الراهب يعقوب المقاري والذي قرر الاستقلال بكنيسته أسوة بما فعل الأنبا مكسيموس من قبل وهما أكبر مثالين، فالأنبا مكسيموس قد أمتد بكنيسته المتمردة على الكنيسة الأم وأصبح له أتباع بالخارج.

 

والأمر ليس بغريب في التاريخ، فالكنيسة البروتستنتيه خرجت من عبائة الكنيسة الكاثوليكية كتمرد ديني ثم أستخدمت سياسيا، ولكن الإختلاف في حال الكنيسة المصرية أن الأنشقاق جاء لأسباب إداريه مشمولة بما أشيع عن خلافات في تعاليم الكنيسة والإرتباط السياسي بالنظام.

 

والسؤال هنا، هل للأمن المصري دور فيما يحدث في الكنيسة المصرية الان؟ وبلا شك لن يكون هناك أجابة على هذا السؤال!

من المعلوم أن الأمن المصري يسعى للسيطرة على الكنيسه مثلها مثل باقي الأمور، وأنه يستغل تلك الخلافات بتنشيطها لإحكام قبضته على القائمين على أمور الكنيسه فيضمن بذلك ولائهم للنظام، وقد لعب الأمن دور كبير في ضمان ولاء الكنيسة للانقلاب في ٢٠١٣، بالاضافة لحملة الترهيب التي شملت كل المصريين من الاسلاميين، وبلا شك كان من المنطقي والمؤسف ان يشمل ذلك الترهيب المسيحيين الذين كانو ضحية للعبه تفجير الكنائس، التي كان للأمن الدور الرئيسي فيها، لعبة مارسها بعض ادعياء الدين بإيعاذ وتحريض من الأمن.

 

وقد جاء دور الكنيسة في تأيدها لانقلاب ٢٠١٣ متسق مع دورها الذي لعبته إبان ثورة  ٢٠١١ من رفضها المشاركة في الثورة، ومن المعروف أن المسيحيين الذي مثلوا كتلة صلبه في الثورة شاركوا فيها خروجاً عن إرشادات الكنيسة، أومن هم من غير أتباع الكنيسة الارثوذكسيه.

 

وقد كان ذلك الدور خلافا لدورها الوطني في عدة مواقف أكثرها وضوحا موقفها من ثورة ١٩ ضد الاحتلال، وموقفها من رفض زيارة القدس على غير رغبة السادات. 

 

إن كل ذلك ما هو الا مقدمة لإيضاح الحال وصولاً لما يحب أن يكون عليه الحال في مشروعنا لبناء مصر الجديدة، مصر الدولة التي يجب أن تقوم على مفهوم المواطنه التي أهم مقوماتها هي المساواه والعدالة، المساواه في كل شيء والعدالة للجميع أياً كان موقفهم السياسي أو إنتمائهم الديني، ولذا يجب ان يتمتع الجميع بنظام واحد وقانون واحد، ان ذلك لا ينفي خصوصيات الانتماءات الدينيه المختلفة وهي لا تتعدى أشياء قليله مثل المقررات الدينيه للزواج والطلاق والتي لا تجور على اَي من الحقوق العامة ولا تخل بالمساواة.

 

ولتحقيق تلك المساواة المطلقه لابد من ان يخضع الجميع لقانون واحد وقواعد موحدة، منها توحيد قانون الهيئات الدينيه ونظام التبرع لها والرقابه الإدارية والمالية الكامله على كل نشاطها وهيكلتها، بما لا يتعارض مع دور اَي منها في أداء دورها الروحي والتربوي، وهذا يشمل أحترام دور الكنيسة في إدارة الشئون الدينية والاجتماعيه لمتبعي منهجها أختياريا، بل يعني ضرورة أن تخرج  الكنيسة من الحياة السياسية الحزبية بما لا يخل بحقوق أعضاءها في ممارسة دورهم خارج إطار التوجيه الإلزامي لما سمي "برعاياها"، فالجميع رعايا الدولة الديمقراطية العادلة.

 

انني لا اتحدث هنا عن وهم السادات الذي أسماه "لاسياسه في الدين ولا دين في السياسة"، ولكني أؤكد على أهميه الا يكون لأي سلطة دينيه قدرة أو حق في التوجيه السياسي، والفارق بين الأمريين كبير.

 

ان هذا الهدف لن يتحقق الا اذا تبناه وعمل على تحقيقة المواطنون من المسيحيون الوطنيون من أتباع الكنيسة الارثوذكسيه، وأن يقر مجموع الشعب على مبدأ المساواه والرقابة العادلة على كل الهيئات بلا اَي تسييس أو أي تحزب طائفي، وحينها فقط تسقط احد أدوات أعداء الأمه في التفرقه بين الشعب الواحد، شعب الوطن وليس شعب الكنيسة أو المسجد.