«معبر رفح» والتصعيد المدروس!
«معبر رفح» والتصعيد المدروس!

«معبر رفح» والتصعيد المدروس!

رام الله - الجديد الفلسطيني 

كتب هاني حبيب

شهدت الجمعة الماضية تصعيداً ملحوظاً في سياق مسيرة العودة ، والرد الإسرائيلي كان أعلى من الأسابيع الماضية، لكنه لم يصل إلى جذوة الشهور السابقة، فقد زاد عدد المتظاهرين السلميين، وتضاعف الاحتكاك مع جيش الاحتلال ومحاولات الوصول إلى الأسلاك الشائكة في محاولة لاختراق الحدود، مع إلقاء للحجارة، في وقت قام به الجيش الإسرائيلي بقتل مواطنة وجرح عدد آخر بطلقات نارية مباشرة، مع قصف إسرائيلي على بعض الأهداف، الأمر الذي أدى إلى تنبيه الجيش الإسرائيلي إلى مستوطني «الغلاف» بضرورة الحذر والبقاء بجانب الملاجئ!


جرى ذلك إثر الاجتماعات المكثفة التي أجراها الوفد الأمني المصري مع حركة حماس ثم مع فصائل منظمة التحرير الفلسطينية وحركة فتح، درجة التصعيد التي أشرنا إليها تعكس درجة الضغوط المصرية باتجاه وقف التصعيد من قبل حركة حماس، وضرورة استجابة إسرائيل لاستحقاقات التهدئة من ناحية أخرى. الجانب المصري يدرك أن درجة هذا التصعيد ترتبط ارتباطاً وثيقاً بتأخر وصول الدفعة المالية القطرية، وكان ذلك واضحاً من خلال ما تسرب من قول للوفد الأمني المصري لدى اجتماعه مع فصائل فلسطينية أن إسرائيل استجابت لحوالي 60 بالمئة من التزاماتها حول التهدئة، وأن مصر ملتزمة بإلزام إسرائيل باستكمال هذه الالتزامات، إلاّ أن ذلك يتطلب عدم التصعيد في سياق مسيرات العودة.
هذا التصعيد المدروس بدقة من قبل حركة حماس إزاء تحرك مسيرة العودة الجمعة الماضية يمكن أن يشير إلى أن قيام مصر بإغلاق معبر رفح للمسافرين من غزة إلى مصر والذي جاء أثناء وجود الرئيس أبو مازن في القاهرة، إحدى أهم الرسائل التي من خلالها تطالب بها مصر من «حماس» أن تكون أكثر مرونة فيما يتعلق بملف المصالحة، ولا بدّ أن «حماس» قد لاحظت أن استقبال الرئيس السيسي لنظيره الفلسطيني هذه المرّة، كان أكثر دفئاً، ما يشير إلى أن القاهرة باتت أكثر قرباً من الطرح الرسمي الفلسطيني إزاء ملف المصالحة، وليس بعيداً عن التعبير عن ذلك، من عدم مشاركة «التيار الإصلاحي» في حركة فتح في جلسة «تشريعي حماس» في غزة التي قررت نزع الأهلية السياسية عن الرئيس أبو مازن، ولهذا الأمر دلالته من أن القاهرة تقف وراء قرار «الإصلاحي» بعدم المساهمة في هذا القرار، ولعلّ الاستقبال الدافئ والحافل للرئيس أبو مازن في القاهرة، إثر هذا القرار، رد ضمني مباشر على رفضه وعدم شرعيته.

أما فيما يتعلق بمعبر رفح بشكل دائم وبكلا الاتجاهين، فإن القرار المصري بهذا الشأن كان مرتبطاً بقيام موظفي السلطة الوطنية بدورهم في المعبر، وبالفعل فقد تحسن أداء المعبر بشكل ملحوظ مع وجود الطاقم الرسمي الفلسطيني في المعبر. الوفد الأمني المصري ولدى اجتماعه مع الفصائل، برّر الإغلاق بعمليات في سيناء، ولم يكن أمامه سوى قول ذلك، لكن ما قاله لدى اجتماعه مع حركة حماس، قد يكون غير ذلك. القرار المصري بشأن المعبر أثناء وجود الرئيس الفلسطيني في القاهرة له دلالته كما أشرنا، والأكثر اقتراباً من حقيقة الأمر، ان مصر تنتظر رداً من حركة فتح والسلطة الوطنية لإصدار قرار بفتح المعبر في الاتجاهين بعد معالجة الأمور التي فرضت على السلطة الفلسطينية سحب أطقمها من المعبر، فإعادة الأمر إلى ما كان عليه من فتح المعبر بالاتجاهين باتت مرتبطة بتوفير شروط ملائمة ومناسبة لضمان قيام أطقم السلطة الوطنية بمهامها دون تعطيل أو مضايقات كانت إحدى أسباب انسحابها من المعبر.


إن المهام الملقاة على عاتق الدور المصري، بالغة الصعوبة نظراً لحدة الخلافات بين الجانبين، خاصة بعد حل المجلس التشريعي ومنع حركة حماس لاحتفالات «فتح» بانطلاقة الثورة الفلسطينية في قطاع غزة، وقرار نزع الأهلية السياسية عن الرئيس من قبل مجلس تشريعي حماس، والحديث عن إجراءات إضافية ستتخذها الرئاسة لتقويض سلطة حماس، رغم ذلك، فإن القاهرة، لا تزال مصممة على المضي قدماً، رغم كل التعقيدات والإحباطات في القيام بدورها في هذا الشأن، لإدراكها أن لا خيار آخر سوى بذل المزيد من الجهد في هذا السبيل، وهي تدرك أن الأمر يعود إلى الجانبين، فتح وحماس في نهاية المطاف، فدون توفر نوايا صادقة وإرادة حقيقية، فإن جهود القاهرة الطيبة قد لا يكون لها الصدى المطلوب!