الحراك وسيناريوهات حماس عمر حلمي الغول
الحراك وسيناريوهات حماس عمر حلمي الغول

الحراك وسيناريوهات حماس عمر حلمي الغول


عمر حلمي الغول
يثير البعض سؤال هام حول الحراك الشعبي وآفاقه، وكيفية تعامل حركة حماس معه؟ وماذا تهدف الحركة الإنقلابية من وراء سياساتها العدمية، وإنتهاكاتها الخطيرة ضد الجماهير المطالبة بلقمة عيش كريمة؟ هل تقبل إزالة الضرائب غير المشروعة، التي تتنافى مع ابسط معايير النظام الأساسي، والنظام الضريبي في النظام السياسي الفلسطيني؟ وهل تخلع ثوبها ومنهجها في مص دماء العباد المستنزفة أصلا من الإنقلاب وإنعكاسات سياساته التخريبية، التي دمرت ومزقت النسيج الإجتماعي، وقلبت معايير ومنظومة التركيب الطبقي الإجتماعي رأسا على عقب؟ أم أن حركة حماس تسعى للسقوط في متاهة الفراغ السياسي؟ ام تريد الذهاب لخيار المواجهة العسكرية مع دولة الإحتلال الإسرائيلية؟ أم ماذا تريد بالضبط؟ وهل لديها رؤية وسيناريو للخروج من نفق الأزمة، التي يعاني منها إنقلابها الإخواني؟ وهل الضبابية الناتجة عن الإرباك والتعثر وغياب الرؤية السياسية والأمنية والعقائدية سيؤدي للمجهول؟ 
مما لا شك فيه، ان حركة حماس تريد طي صفحة الحراك الشعبي بأي ثمن. وتريد ذلك باسرع وقت ممكن، حتى لا تزيد من تفاقم الأوضاع، التي تهدد مصير الإنقلاب، وإتساع الحراك الشعبي السلمي. إلآ ان ثورة الجياع صدمت الإنقلابيين، ووضعتهم في حالة توهان، وإغتراب عن الواقع الإجتماعي والإقتصادي والسياسي من خلال ثورتهم في كل المدن والبلدات والقرى الفلسطينية من رفح جنوبا حتى بيت حانون شمالا في قطاع غزة، ولم تعد تعرف ما هو السبيل للخروج من المأزق الخطير، وبات قادة الإنقلاب الحمساوي يحسسون على رؤسهم، وفقدوا بوصلة النجاة، ولم يعد أمامهم سوى اللجوء إلى العنف والجريمة المنظمة لتعميق عملية ترهيب وإرهاب الجماهير الشعبية، لا سيما وان هذا هو سلاح قوى الثورة المضادة، وقوى الإستعمار والفاشية، لإن الجماهير الفلسطينية لم تعد مستعدة إنتظار الوعود، أو القبول بعمليات التضليل، لإنها شبعت منها، وضاقت بها ذرعا، وإكتشفت ان فرع جماعة الإحوان يكذبون كما يتنفسون، ولم يعد هناك مواطنا فلسطينيا في محافظات الجنوب يمكن ان يقبل أكاذيبهم وخزعبلاتهم، وترهاتهم وتجارتهم البائرة. 
لذا تسعى لكي وعي الجماهير دفاعا عن خيارها الإنقلابي، وعن مشروع إمارتها السوداء. ولن تفرط بسهولة بمكاسبها الإنقلابية، التي حققتها خلال الإثني عشر عاما الماضية، لا سيما وان مشروعها، ليس مشروعا إخوانيا مستقلا، بل هو مشروع إسرائيلي وأميركي وإخواني، مطلوب منها أن تحافظ عليه، لتحقق مآربها وأجنداتها المحلية والإقليمية والأميركية (صفقة القرن). الأمر الذي سيدفعها لمزيد من التغول والبطش والإستئساد على الجماهير الفلسطينية في محافظات الجنوب كخيار رئيس الآن. 
ولكن في حال فشل هذا الخيار فإنها بالتعاون والتنسيق مع إسرائيل وأميركا وحلفائها من العرب والمسلمين، ستلجأ لسيناريو المواجهة والتصعيد مباشرة مع إسرائيل بهدف خلط الأوراق، وحرف الأنظار عن الحراك الشعبي. وهي كما يعلم الجميع فعلت ذلك يوم الخميس الموافق الرابع عشر من آذار/ مارس 2019 في أول يوم للحراك، عندما أطلقت الصاروخين على تل ابيب، لكنها شعرت وحلفائها الإسرائيليين، انها تسرعت، وأخطأت، مما أوقعها في حالة إرباك شديد، وبالمحصلة إعتذرت للإسرائيليين، وتلا ذلك أن برأها نتنياهو نفسه من الخطيئة، لإن التعليمات الأميركية تدعوهم لعدم فتح أية مواجهة الآن، وإمتصاص ردود الفعل حتى تحين اللحظة المناسبة لتفجير الأوضاع في حال أغلقت الأبواب أمام مرور صفقة القرن الأميركية.  
وإذا تصاعدت ثورة الجياع، وإتسعت دائرة الحراك الشعبي، فإن حركة الإنقلاب الأسود الحمساوية قد تضطر للتراجع النسبي، وتقدم على خطوات تكتيكية لصالح المصالحة بما في ذلك الموافقة والتعامل الإيجابي مع حكومة الدكتور محمد إشتية لحين إنقشاع غيمة الحراك الشعبي، وإستعادة عافيتها نسبيا عبر الإعلان عن إستعدادها للمشاركة بالإنتخابات البرلمانية والرئاسية. ولكن تراجعها في الجوهر لن يكون أكثر من مناورة مؤقتة لتجاوز المنعطف الخطر، الذي تمر به. 
في كل الأحوال المطلوب من الجماهير الشعبية الثائرة ضد الجوع والفقر والضرائب والبطالة والحرمان من الحرية الشخصية والإجتماعية أن تواصل ثورتها على الإنقلاب، وان لا تستسلم، أو تخدع بما يمكن ان تصرح به قيادات حماس المجرمة وشريكة إسرائيل وأميركا في مخطط تصفية القضية الوطنية والمصالح العليا للشعب الفلسطيني حتى يتم هزيمة الإنقلاب وتطوى صفحته مرة وإلى الأبد.