الوطن بين قرارين
الوطن بين قرارين "العودة"..أم "صيد البيض"!

الوطن بين قرارين "العودة"..أم "صيد البيض"!

كتب رئيس التحرير:دنيا عيسى


فيما يستعد الفلسطينيون في شتى بقاع الدنيا للحشد الاكبر في تاريخهم من أجل الخروج للمطالبة بحق العودة في فعاليات تستمر عدة أيام ،للتأكيد على الحقوق الفلسطينية في مواجهة محاولات الإلغاء والإنهاء وتصفية القضية الفلسطينية التي تتعرض لأخطر مؤامرة منذ عشرات السنين، تستعد قرية روابي للانخراط في الفعالية الكبرى .."فعالية صيد البيض"!

وروابي هنا ليست قرية مهجرة أو مؤطرة أو قرية قابعة على الحدود ولا هي تتعرض لمحاولات التهجير والهدم ..وصيد البيض هنا لا يقصد به القنص ولا فيه تلميح لجنود الاحتلال ،كي لايذهبن خيال احد ما إلى مكان بعيد لاسمح الله ،فروابي هنا كما يعرف عنها أصحابها "مدينة فلسطينية نموجية"،وهي "أكبر مشروع اطلقه عمراني اطلقه القطاع الخاص في فلسطين"،أما صيد البيض في فعالية لطيفة ظريفة ستقيمها المدينة الفلسطينية "النموذجية" في ذكرى الأرض الخالدة تعتمد على "إخفاء البيض والبحث عنه في أرجاء المدينة"..وكما يقول المثل هيك مدينة بدها هيك فعالية!.

في يوم الأرض التاريخي الذي ترنو عيوننا وأفئدتنا فيه لفلسطين الام ،فلسطين الكبرى، التاريخية ،الوطن الأبدي الذي قرر الجميع أن يتركوا خلافاتهم الفكرية والحزبية ،وفروقهم الاجتماعية والثقافية وراء ظهرهم ويخرجوا يبحثون عنه وينادوا باسمه الذي لاتلغيه الحدود ،ولايشغلنا عنه بطبيعة الحال صائدو البيض صناع روابي وغيرهم من رجال الأعمال المنسلخين عن ثقافتهم وهويتهم ،المتشدقين بعبارات فضفضافة لايعلمون عن مضمونها شيئا في تعزيز الوجود الفلسطيني على الأرض الفلسطينية،شعارات زائفة يطلقونها يوميا وفي كل مناسبة وعندما تحتاجهم الأرض الفلسطينية للتضامن والإبداع لاتجد منهم سوى البيض!.

وكي نتحلى بشيء من الواقعية فنحن نعلم أن روابي وصناعها "الفلسطينيون الحقيقيون" كما راق لأحدهم ان يطلق على نفسه في التقرير المثير الذي عرضه التلفزيون الاسرائيلي قبل أشهر وهو يقوم بشراء جاكيت من إحدى المحلات في مدينة روابي بقيمة 20 ألف شيقل ،فإن هذا "الفلسطيني الحقيقي" ورفاقه ربما لن ينخرطوا في فعالية يوم الأرض ، رغم أن الأرض توحدنا أغنياء وفقراء ،مواطنون ولاجئون،مستقلون ومتحزبون ،مسيحيون ومسلمون،لأن انتماءنا للأرض كفلسطينيين هو الأساس والأصل ،وهو اكبر من كل التصنيفات،وسابق لكل الأفكار والالقاب والمسميات.

لكن الخطر هنا ليس في حضور "الفلسطينيين الحقيقيين" هؤلاء أو غيابهم ،انشغالهم بصيد البيض أو غيره ،الخطر في فكرة الوطن الغريب عنا والغريبون عنه  الذي يطمح هؤلاء له،لانقسام اجتماعي جديد من نوع اخر،ونموذج جديد يسعون لإقامته والترويج له، باستنساخ نموذج "الكومباوندات" المصري لشعبين وفئتين وطبقتين تعيشان تحت سماء واحدة ،وفوق بقايا أرض ،يراها البعض وطنا وهوية ،وينظر لها البعض الآخر مكانا لإقامة الحفلات وصيد البيض!

وهنا نتساءل ،في حال تصاعدت الأمور الميدانية وسقط عدد من الشهداء ،هل ستسمر روابي في إخفاء البيض والبحث عنه ،أم ستنتظر حتى اللحظة الاخيرة لتقوم بإلغاء فعاليتها الكبرى مراعاة للظروف العامة كما حدث في الحفل الغنائي الذي تم الترويج له لأسابيع وتم إلغائه بعد قرار الفنان الأردني عمر العبدلات عدم الغناء في روابي في ضوء الظروف التي كان يمر بها المسجد الأقصى؟

في الحقيقة ،لايسعنا أن نقول إلا أن هذا النوع من رجال الأعمال من هواة صيد البيض يجعلنا نفقد الثقة في طابور رجال الأعمال الفلسطينين الذي يقوده بشار المصري وغيرهم ،ممن اختزلوا الوطن في عش بيض!