عندما تتحول صفحات التواصل الاجتماعيّ في غزة إلى منصة عائلية
عندما تتحول صفحات التواصل الاجتماعيّ في غزة إلى منصة عائلية

عندما تتحول صفحات التواصل الاجتماعيّ في غزة إلى منصة عائلية

خاص - الجديد - أحمد الشنباري

 لعل المواطن في قطاع غزة، أصبح يلمس وجودهم من خلال تجمعاتهم على صفحات التواصل الاجتماعيّ، التي ينطلقون منها كرابطة أسريّة واحدة، ملتفين حول بعضهم البعض، مقدمين التهاني أو التعازي، أو حتى مباركة بالزفاف، هو مشهد يزداد في العائلات صاحبة الامتداد القبلي والعائلي في قطاع غزة، عبر صفحات الفيسبوك تحديداً التي يتخذونها منصّة للتعبير عنهم.

ففي الآونة الأخيرة بدأت تظهر، تجمعات واتحادات باسم الشباب تحت مظلة العائلة التي تجمعهم، لتتحول هذه التجمعات إلى رسائل محبة ووفاء وتعارف بين أبناء العائلة كاملة.
تساؤلات كثيرة قد يطرحها المهتمون في نهوض الشباب ومشاركتهم المجتمعيّة، بعيداً هذه المرة عن مجالس "الدم" العشائريّة وما يندرج تحتها من مسميات قبليّة قديمة، وفي هذا الإطار يقول الباحث والمختص في التراث الفلسطيني حمزة العقرباوي: "الانسان بطبيعته يميل إلى الحياة الاجتماعية وسط بيئة تقوم على التعاطف والتكاتف". مضيفاً "الاهتمام بالعائلة والعشيرة ليس جديداً على المجتمع الفلسطينيّ، فطبيعة الحياة  قديماً كانت تفرض مثل هذا الشكل من الروابط على العائلات". 
وتابع بقوله: "بدأت هذه الروابط تستعيد مكانة العائلة  في المجتمع، لنراها تشارك في الأفراح  والأتراح، وبدأت تتشكل المبادرات والتجمعات، للاهتمام بأمور العائلة وحتى تشكيل صناديق التبرعات للمناسبات الاجتماعيّة".
ورجح الباحث العقرباوي إلى أن أسباب ظهور هذه الصفحات يعود إلى التحولات السياسيّة وطبيعة الحياة في فلسطين وظروف الاحتلال، بالإضافة إلى ظهور التنظيمات الفلسطينيّة التي حلت محل العشيرة خلال العقود الماضيّة، والتي بدورها أدت إلى تراجع مكانة العائلة والعشيرة بنسبِ متفاوتة في مناطق فلسطينيّة دون أخرى.
وحول نشاط التجمعات العائلية في الآونة الأخيرة يرى العقرباوي أن انتشار وسائل التواصل الاجتماعي جعل النشاط الشبابي ملموساً، مؤكداً أن تراجع الفصائل عن لعب دورها الاجتماعي بعد الانقسام السياسي الفلسطيني، أدى إلى توجه الشباب للبحث عن روابط جديدة يعيش من خلالها عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ التي تترجم على أرض الواقع.

مراسل "الجديد" في قطاع غزة رصد انتشار الكثير من الصفحات التي تحمل أسماء العائلات، منها تجمع عائلة الزعانين الذي يعد واحداً من التجمعات، بدوره يؤكد محمد الزعانين منسق التجمع على الفيسبوك، أن الهدف الأول من وجوده هو الترابط الاجتماعي الاُسري داخل العائلة، مشيراً إلى القيام بعدة نشاطات منها زيارة المرضى وأسر الشهداء والجرحى، لما فيه من مردود إيجابي على أبناء العائلة، بالإضافة لتقريب وجهات النظر في حال وجود أية خلافات".

وفي ذات السياق يرى جهاد حمد، منسق اتحاد شباب عائلة حمد، بأن الاتحاد الشبابي هو ثمرة لتظافر الجهود بين ابناء العائلة، مضيفاً "ارتأينا نحن الشباب في العائلة بضرروة إيجاد جسم يضم فئة الشباب وتوحيدهم بما يخدم مصلحة العائلة، بعيداً عن التجاذبات السياسية والفصائليّة، فكان الاتحاد هو الشجرة التي أثمرت".
وأردف حمد بقوله: "تتركز النشاطات التي نقوم بها على زيارة المرضى وكبار السن بالإضافة إلى زيارة الأشخاص في مناسباتهم السعيدة وتهنئتهم، بما يعزز المحبة والألفة بين أبناء العائلة".

من جهته، تحدث الناشط المجتمعي ومنسق رابطة أبناء بيت حانون حسين شبات، يقول: "الهدف الأسمى من تشكيل المبادرات الشبابيّة، هو لتعزيز التضامن بين أبناء  المدينة وأهلها لتكن جزء لا يتجزأ من النسيج المجتمي، انطلاقاً من الاهتمامات الفكرية والاجتماعيّة، وبعيداً عن القضايا السياسية، ولتكون على مسافة واحدة للارتقاء وتحقيق أقصى قدر من التماسك والاستقرار والتكافل الاجتماعي".
وأكد شبات أن هذه المبادرات لن تكن بديلاً عن أحد، بل بالعكس تماماً لها دور مكمل للأدوار التي تقوم بها فئات وجهات عدة من وجهاء ومخاتير ومؤسسات.
وأشار شبات إلى  أن الظروف الصعبة وحجم المخاطر تحتم على الجميع وخاصة الشباب منهم كجزء اساسي وركن مهم، بناء جسور المحبة والوئام بيم كل شرائح المجتمع.
وعلى صعيد الشباب أنفسهم يرى الشاب محمد جابر بأن الاتحاد عزز أواصر المحبة بين أبناء العائلة وقرب وجهات النظر بين الشباب، بالاضافة إلى الالتقاء الدوري بيننا وهذا لم يكن في السابق.