كيف استولت أميركا على ذهب مواطنيها خلال القرن الماضي؟
كيف استولت أميركا على ذهب مواطنيها خلال القرن الماضي؟

كيف استولت أميركا على ذهب مواطنيها خلال القرن الماضي؟

في حدود سنة 1933 حصل فرانكلن روزفلت (Franklin Roosevelt) على منصب رئيس الولايات المتحدة الأميركية عقب فوزه بالانتخابات الرئاسية لسنة 1932، على مرشح الحزب الجمهوري هربرت هوفر (Herbert Hoover)، ليصبح بذلك فرانكلن روزفلت الرئيس الثاني والثلاثين في تاريخ الولايات المتحدة الأميركية.

واستلم فراكلن روزفلت منصبه أثناء فترة حرجة عاشت خلالها الولايات المتحدة الأميركية على وقع أزمة الكساد العظيم والتي تسببت في ارتفاع نسبة البطالة إلى نحو 25%.

وخلال حملته الانتخابية، وعد مرشح الحزب الديمقراطي فرانكلن روزفلت الشعب الأميركي بإنهاء الأزمة الاقتصادية الخانقة التي عصفت بالبلاد منذ حادثة انهيار بورصة وول ستريت أواخر شهر تشرين الأول/أكتوبر سنة 1929، حيث أكد روزفلت على ضرورة التخفيض من قيمة الضرائب الملقاة على كاهل المواطن الأميركي وتقليص نفقات الدولة وتعديل الميزانية.

وحال توليه لمهامه، عمد فرانكلن روزفلت إلى اتخاذ إجراءات مخالفة لتلك التي وعد بها حيث أنفقت الحكومة الأميركية أموالا طائلة لتوفير مواطن شغل إضافية وزيادة الطلب على البضائع، كما اتجهت نحو الترفيع في قيمة الضرائب لسد الشرخ الاقتصادي الذي تسببت فيه تزايد نفقات الدولة. ومن خلال كل هذه الإجراءات حاول الرئيس الجديد إنعاش الاقتصاد الأميركي وتوفير المساعدات اللازمة للعائلات المتضررة.

وفي الأثناء، اصطدمت الإدارة الأميركية خلال الفترة التالية بقانون الاحتياطي الفدرالي والذي وقّع عليه الرئيس الأميركي الأسبق وودرو ولسن (Woodrow Wilson) أواخر سنة 1913، حيث حدد هذا القانون عملية طباعة الأوراق النقدية عن طريق نصّ أكد على ضرورة أن تكون الأوراق النقدية مدعومة بنحو 40% من قيمتها ذهبا بالفدرالي الحكومي، وبالتالي كان على الحكومة الأميركية توفير ما قيمته 40 سنتا من الذهب لطباعة دولار واحد جديد.

في غضون ذلك وعقب مضي أقل من أسبوع على توليه منصب رئيس الولايات المتحدة الأميركية، نجح فرانكلن روزفلت في تمرير قانون عاجل لإنقاذ البنوك من الإفلاس وإعادة هيكلتها، وبموجبه أغلقت بنوك الولايات المتحدة الأميركية أبوابها على مدار أربعة أيام في سبيل إعادة تقييم أدائها من قبل مراقبي الاحتياطي الأميركي.

واعتبر الرئيس الأميركي الجديد فرانكلن روزفلت هذا الإجراء غير كاف، فما كان منه إلا أن استغل الصلاحيات الممنوحة له بناء على قانون تحريم التجارة مع الدول المعادية لسنة 1917 ليعلن يوم الخامس من شهر أبريل/نيسان سنة 1933، أي بعد حوالي شهر من توليه لمنصبه، عن إجراء جديد تم من خلاله تجريم امتلاك الأفراد للذهب عقب اتهامات طالت مواطنين أميركيين بنقل ذهبهم من الأراضي الأميركية لبيعه أو إيداعه بدول أجنبية.

وبناء على ما أقره الرئيس روزفلت، أجبر الأميركيون على بيع كل ما يمتلكونه من ذهب للاحتياطي الفدرالي الأميركي قبل مطلع شهر أيار/مايو سنة 1933 مقابل 20.67 للأونصة (أونصة تروي)، وفي أثناء ذلك واجه كل من خالف هذا القرار، واحتفظ بالذهب، عقوبة قاسية تتراوح بين 5 و10 سنوات سجن وغرامة مالية قدرت بحوالي 10 آلاف دولار. واستثنى قرار الرئيس الأميركي أطباء الأسنان والذين سمح لهم بالاحتفاظ بكميات ضئيلة من الذهب.

وبسبب ما أمر به الرئيس فرانكلن روزفلت، اصطف الأميركيون في طوابير طويلة لتسليم الذهب واستلام الأموال. وبفضل هذا القرار، تمكنت الحكومة الأميركية من زيادة العجز الفدرالي عن طريق إصدار السندات وتمويل المزيد المشاريع.

استمر تطبيق هذا القرار إلى حدود منتصف ستينيات القرن الماضي، حيث اتجهت الإدارة الأميركية للتخلي عنه تدريجياً وجاء ذلك قبل أن يسمح الرئيس الأميركي جيرالد فورد (Gerald Ford) مرة أخرى بالملكية الخاصة للذهب والمتاجرة به أواخر سنة 1974.