6201520134817621.jpg
6201520134817621.jpg

في غزة: "غلابة" الشؤون الاجتماعية .. ديون متراكمة ومحال ترفض تسليفهم

خاص - الجديد الفلسطيني - ريما السويسي

في غرفة تختصر تفاصيلها وضعه الصحي فأسطوانة الأكسجين لا تفارق سريره الذي يضطجع عليه أبو رائد سعدو كونه مريض أزمة صدرية حادة ألمت به منذ عشر سنوات جعلته طريح الفراش لا يقوي على شيء، يواسيه في عزلته مذياع قديم بقلب قنواته بحثاً عن خبر هنا أو هناك يتعلق بشيكات الشؤون الاجتماعية التي تأخر صرفها فرمضان على الأبواب ومأساة هذه الفئة الاجتماعية المطحونة ربما على الرفوف


يقول أبو رائد (63 عاماً)، أحد مستفيدي الشؤون الاجتماعية، "للجديد الفلسطيني": "تتكون عائلتي من خمسة أفراد لدي ابن عاطل عن العمل ولدي حفيدان بعيشون معي بعد طلاق والدتهم، أنا رجل مريض أعاني من السكري ومشاكل في القلب بالإضافة إلى أزمة صدرية حادة ولذلك أعيش على أسطوانة الأكسجين التي لا تفارقني".


وتحدث عن ماساة تأخر شيكات الشؤون الاجتماعية التي يدفعا ثمن لعلاجه شهرياً فيقول: "أحصل على مبلغ 750 شيقل كل ثلاثة شهور من الشؤون الاجتماعية بينما أحتاج شهرياً مبلغ 500 شيقل علاج ناهيك عن مصاريف البيت والأولاد".
"تراكمت علينا الديون ولم تعد المحال التجارية تسمح لنا بالدين إذ بلغت ديوني للدكان القريب من بيتي 1000 شيقل"، وفقاً لحديثه.


تقول زوجته (58 عاماً): "نضطر لبيع قناني زيت الطعام أو أكياس الحليب التي نحصل عليها من كوبونات الوكالة الإغاثية، حين أذهب إلى السوق أذهب في آخر النهار كي أجد أرخص أنواع الخضار".


وحول دخول الشهر الفضيل في ظل تأخر شيكات الشؤون التي من المفترض أن يتم صرفها في 15 مايو يشتكي أبو رائد الحال فيقول: "كيف

سنشتري أغراض الإفطار والسحور لهذا الشهر، أنا أتقاسم الشواقل بيني وبين أمي المريضة هي الأخرى".
ويتساءل بألم: "لماذا لا يتم صرف الشيكات قبل رمضان؟ لدينا التزامات كثيرة ولدي عائلة وبنات كيف سأصل الرحم في أول أيام رمضان؟ وكيف سأوفر العلاج الخاص بي خاصةً وأنني لا أستطيع العيش دون أسطوانة الأكسجين؟".
"نناشد الحكومة والرئيس أن يساعدونا في تعجيل صرف هذه الشيكات التي نعتاش عليها فقط فلا معيل لدينا سواها، بيتي فارغ لأننا نحرم أنفسنا من الأكل في مقابل توفير العلاج"، وفقاً لحديثه.


يذكر أن الوزارة شهدت الفترة الأخيرة تأخراً طويلاً في صرف شيكات الشؤون الاجتماعية فآخر مرة تم صرفها كان في شهر ديسمبر الماضي أي أنهم بلا مخصصات منذ ست أشهر في معاناة أنهكت وضعهم المنهك أصلاً على وقع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها سكان القطاع منذ عام 2007 سنوات الحصار والانقسام. 


أعيل ثلاث بنات
ولم يكن حال المسنة أم وليد (70 عاماً) بأفضل إذ تعيل هي الأخرى ثلاث بنات إحداهن مطلقة والبقية يعانون من تخلف عقلي فتقول: "أعيش أنا وبناتي اللواتي لا معيل لهن سواي على مخصصات الشؤون الاجتماعية، أتابع كل خبر عبر الراديو علني اسمع خبر يفيد بقرب صرف شيكات الشؤون، رمضان على الأبواب وبيتي فارغ".


وتتسائل: "لا دخل لنا سوى هذه الشيكات، لماذا تتأخر؟ نحن ناس غلابة ولدي أيتام أرعاهم، كيف ينقضي رمضان؟ من سيعطينا لنشتري أغراض رمضان؟ أصبحنا لا نزور الناس التي تزورنا، كيف سنصل الرحم في شهر رمضان؟ من أين لنا بالنقود؟".
وتختم حديثها لمراسلة "الجديد الفلسطيني": "يريت صوتنا يوصل للمسؤولين ويعرفوا المعاناة التي نعيشها فنحن مسحوقين مطحونين".

 
الدكاكين ترفض تسليفنا

 
وفي معاناة ثالثة يقول محمد الشنطي (55 عاماً) وهو عاطل عن العمل ويستفيد من شيكات الشؤون الاجتماعية: "أعيل 13 نفر في البيت، كنت أعمل صياد ولكن للأسف منذ ست سنوات توقف عملي ومنذ ذاك اليوم وأنا أستفيد من شيكات الشؤون الاجتماعية". 
ويضيف: "أنا أعيش على الديون وكلما حصلت على شيك الشؤون يذهب سداداً للدين السابق وهكذا، قبل أيام توجهت إلى الدكان التي أشتري منها فرفض صاحب الدكان إعطائي أغراض رمضان بحجة أن شيكات الشؤون لم تعد مضمونة كما في السابق، عدت إلى بيتي والدموع في عيني".


ويتساءل ممتعضاً: "كيف سنقضي رمضان؟ كيف سأطعم أولادي؟ كيف سأصل رحمي؟ من العيب ألا أزور بناتي وأخواتي ولكن ما باليد حيلة، لن أخرج من البيت ولا أريد أن أرى أحداً".


وحول المعلومات التي تتحدث عن صرف هذه الشيكات في العاشر من رمضان يعترض محمد بقوله: "الأولى أن يتم صرفها قبل رمضان فمصاريف رمضان توازي مصروف شهرين من الأشهر العادية، لماذا هذا التأخير؟ أصبحنا نعيش بلا أمل فلم يعد هناك شيئاً مضمون للأسف". 


كيف سنصل رحمنا؟ 
تقول كاميليا شريف (44 عاماً) أحد المستفيدات من شيك الشؤون الاجتماعية: "لدي 8 أولاد أحدهم معاق ويحتاج علاج أحصل على 1300 شيقل من الشؤون ولكن تأخيرها هذه المرة لست شهور فاقم معاناتنا، بيوتنا فارغة ولا أموال لدينا زوجي عاطل عن العمل".
فيما يتعلق برمضان: "للأسف لن نتمكن من زيارة أرحامنا في أول أيام رمضان بل سننتظر إلى حين صرف الشيك الخاص بنا والذي سيذهب أغلبه سداداً للدين في السوق ولمصاريف الأولاد ومصاريف رمضان". 


"نتمنى أن يشعروا بنا وأن يحسنوا أوضاعنا وألا تتأخر عنا هذه الشيكات التي هي فقط مصدر دخلنا الوحيد"، وفقاً لحديثها. 


أصحاب المحال: الدين ممنوع 
وفي تواصل للوقوف على موقف أصحاب محلات المواد التموينية التي يقصدها مستفيدي الشؤون بحثاً عن تسيير أمورهم بالدين إلى حين صرف الشؤون، يقول أحمد ماضي (44 عاماً) صاحب دكان مواد تموينية: "كنا في الماضي نسمح لمستفيدي الشؤون بالدين ولكن بعد تأخر المخصصات الخاصة بهم أصبحنا نخاف وأوقفنا التعامل بالدين معهم فلا شيء واضح فيما يتعلق بمستقبل مخصصاتهم".


ويفتح ماضي دفتر الدين الخاص بمستفيدي الشؤون لديه ويقول: "لدينا دين بمبلغ 4000 شيقل على 15 اسم من مستفيدي الشؤون وللأسف حتى حين يتم صرف مخصصاتهم لا يأتون لسداد هذا الدين، نحن بحاجة لأن ندفع ثمن البضاعة التي نشتريها من التجار في غزة".
ويختم حديثه بالقول: "نحن أيضاً نعاني مثلهم جراء تقليص مخصصات الشؤون فكلما تأخرت كلما قل الطلب وفقدنا هامش كبير من زبائننا". 


أما صاحب بسطة الخضار في سوق الشيخ رضوان علي خميس (27 عاماً) فيقول: "يومياً يأتوني زبائن يريدون أن يشتروا مني بالدين معللين بأن الدفع سيكون قريباً ولكنني أرفض فأنا لا أعلم متى سيتم الصرف، في غزة كل شيء أصبح مخيف". 
ويضيف: "هناك كساد كبير في الأسواق وأنا كبائع أنتظر أن يأتيني مشتري لكي أعود لبيتي ولو بعشرة شواقل أستطيع بهم أن أنفق على عائلتي".

 
هذا وكانت وزارة التنمية الاجتماعية في رام الله قد أعلنت يوم الأربعاء الماضي، موعد صرف مخصصات وشيكات الشؤون الاجتماعية في

غزة والضفة
وقالت الوزارة في تصريح صحفي، إن صرف مخصصات وشيكات الشؤون الاجتماعية سيكون في السادس عشر من شهر مايو المقبل.
يشار إلى أن وزارة التنمية الاجتماعية لم تصرف مخصصات الشؤون الاجتماعية لمستحقيها منذ 6 أشهر. يشار إلى أن الآلاف من الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة الغربية، وتحديداً من الفقراء، يستفيدون مما يُسمى "شيك الشؤون"، حيث يصرف لهم راتب مرة كل ثلاثة أو أربعة أشهر.


وهكذا تعاني هذه الشريحة المنهكة أصلاً والتي تعيش في ظل فقر مدقع نتيجة تأخر شيكات الشؤون الاجتماعية فكيف سيكون الحال ولم يتبق على قدوم الشهر الفضيل سوى أيام؟ تساؤل يتمنون أن يتم الإجابة عنه قبل أن تؤول أمورهم إلى الدمار الذي لا تحمد عقباه.