التوتر في الخليج: "إسرائيل" حرضت وتنأى بنفسها اليوم

إلى جانب الجهود المكثفة لتشكيل الائتلاف الحكومي الإسرائيلي قبل انقضاء الموعد المحدد، وكذلك "الأحابيل" التي تهدف إلى تخليص رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، من لوائح الاتهام ضده، ينشغل "المستوى السياسي" في إسرائيل بقضية أخرى مهمة، وهي الوضع في الخليج، حيث تعمل إسرائيل على تشجيع الخط الهجومي للولايات المتحدة ضد إيران، بينما تنحي نفسها بعيدا على الجبهة.

وتعبير "المستوى السياسي" في هذا السياق، بحسب المحلل العسكري لصحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، يقتصر على نتنياهو وحده، الذي يشغل منصب وزير الدفاع، في حين أن المجلس الوزاري المصغر معطل تماما.

و"يتمتع" نتنياهو بامتياز مركزي لم يحظ بمثله في عهد إدارة الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، وهو التنسيق عن كثب مع الرئيس الحالي، دونالد ترامب، الذي يتضح أن هناك صعوبة في تقدير نواياه، حيث أنه، وبعد سلسلة تسريبات من كبار المسؤولين في الإدارة الأميركية، اهتم ترامب، الأسبوع الماضي، بتبريد الأجواء، وصرح أنه غير معني بالحرب، وتحدث تقارير أميركية عن خلافات في داخل الإدارة بشأن شدة الإجراءات التي يجب اتخاذها ضد إيران.

ولكن ترامب، وبعد تهديدات إيرانية، غيّر، الأحد، اتجاهه، وهدد في تغريدة على تويتر "إذا كانت إيران تريد الحرب، فذلك سيكون نهايتها الرسمية". وجاء التهديد الأميركي بعد ساعات معدودة من سقوط صاروخ في المنطقة الخضراء وسط بغداد، قرب السفارة الأميركية، والذي يأتي بعد سلسلة إنذارات من نوايا إيرانية لضرب أهداف أميركية في العراق.

وسبق هذه الحادثة سلسلة تفجيرات استهدفت أربع ناقلات نفط في ميناء الفجيرة الإماراتي، وهجمات الحوثيين بطائرات مسيرة على حقل نفطي سعودي.

ولم يستبعد المحلل العسكري، من جهته، بأن يكون لإيران دور في الجولة القتالية الأخيرة مع قطاع غزة، والتي بدأت بإطلاق نيران القناصة من قبل حركة الجهاد الإسلامي.

ويضيف أن المشترك بين الهجمات الثلاث في الخليج هو أن إيران لم تعلن مسؤوليتها، ولكن الفرضية السائدة هي أنها تقف وراء هذه الهجمات، بحيث يمكنها إطلاق تهديدات والاحتفاظ بحيز إنكار الأمر الذي يصعب على الأميركيين الرد بعمليات عسكرية.

ويبدو أن ترامب يحاول تجنب حرب أخرى في الشرق الأوسط، كما تبدو الخطوات الأميركية دفاعية، علما أنها لم ترد على أي من الهجمات الثلاث. وفي هذه الأثناء يقوم وزير الخارجية العماني بزيارة مفاجئة لإيران، علما أن عُمان كانت قناة وساطة في السابق بين واشنطن وطهران، وخاصة قبل توقيع الاتفاق الأولي عام 2013 الذي سبق الاتفاق النووي.

في المقابل، فإن إسرائيل، بحسب هرئيل، في هذه المواجهة "تأمل أن تأكل الكعكة وتبقيها كاملة"، حيث أن نتنياهو يحث ترامب، منذ فوز الأخير في انتخابات الرئاسة الأميركية، على تبني خط هجومي تجاه إيران، وذلك بهدف فرض تنازلات أخرى على طهران في المجال النووي، وعرقلة دعمها لـ"المنظمات الإرهابية" في الشرق الأوسط.

ويضيف أن ترامب استجاب لاقتراحات نتنياهو قبل سنة في الانسحاب الأميركي ن الاتفاق النووي، تلاها نشر خطة وزير الخارجية، مايك بومبيو، والتي تضمنت 12 خطوة ضد النظام الإيراني وتشديد العقوبات الاقتصادية على إيران.

ويخلص إلى أن إسرائيل ليست معنية في أن تصبح جزءا من خط الجبهة الذي سيشتبك على طوله الإيرانيون مع الولايات المتحدة. ولعل هذا ما يفسر قلة التصريحات الرسمية الإسرائيلية في الشأن الإيراني، والطلب من الوزراء باتباع جانب الحذر في التصريحات بهذا الشأن.

وبحسبه، فإن الحذر يتصل أيضا بالعمليات العسكرية، حيث تحدثت تقارير سورية، نهاية الأسبوع، عن هجومين إسرائيليين على مواقع إيرانية خلال 24 ساعة، الأمر الذي لا يبدو موثوقا، ومن الجائز الافتراض أن إسرائيل ستتجه إلى درجة أعلى من ضبط النفس حتى على الجبهة الشمالية، طالما لم يتضح اتجاه التطورات بين الولايات المتحدة وإيران.