البردويل يرد على منتقدي منشوره على الفيسبوك بخصوص المصالحة

كتب  د.صلاح البردويل 
بينما أتأمل في سيرة أصحاب الردود البذيئة على مبادرتي للمصالحة تأكد لي صحة ما ذهبت إليه بالأمس بأن هؤلاء ضحايا الجهل و التخلف ، و التعبئة الحاقدة ، لهذا يشتمون و يعارضون من أجل المعارضة ، و لا يقدمون بديلا سوى اليأس و قلة الأدب و إثارة النعرات ، و التحريض و الافساد كأنهم أعداء شعبنا و قضيتنا .
هذا النموذج من البشر عرفتهم عصور الفتن على مر التاريخ ، و فتحت مواقع التواصل الحديثة السهلة المجانية أبواب خلفية للتسلل الى صالونات الحوار و مجالس الكبار ، فكانوا بئس الجليس الذي تشقى بهم المجالس ، و صدق من أطلق عليهم اسم ( الذباب الالكتروني ) ، لا يضرون ، و لكن يصيبون النفوس بالتقزز .
أما أصحاب وجهات النظر المختلفة ، فكل الاحترام لهم ، ما دام المنطق منهجهم . مهما اختلفنا نجد قواسم مشتركة ، و مهما ابتعدنا نقترب.
إن أسوأ ما في الحوار عبر مواقع التواصل أنك تحاور اسماء منتحلة يختفي خلفها اغبياء موجهون و معبأون تعبئة مشبوهة ، و يتطاولون .
صدق فيهم الشاعر الفلسطيني معين بسيسو و هو يشكوهم الى الشاعر العظيم المتنبي، يقول :
يا أبا الطيب خصيان السلاطين و غلمان القياصر
كل من قد شده النخاس من وحل الضفائر
كل ذي قرط و خلخال و عقد و أساور
كل من لم يعرف الخيل و لا الليل و بيداء المخاطر
جاءنا يركب صهوات القصائد ؟ ! 
وكان المتنبي يضيق ذرعا بالمرتزقة من المستشعرين الذين يحاولون مزاحمته في عالمه الشعري الرائع ، فقال فيهم :
أرى كل يوم تحت ضبني شويعر
ضعيف يقاويني قصير يطاول
و ما التيه طبي فيهمو غير أنني
بغيض إلي الجاهل المتعاقل
و رحم الله أمي كانت تردد المثل الشعبي القائل :
الراي لاهل الراي بيسوى قبيلة
و الراي للمستجدين عوار
و عليه فإنني لن أمل من مخاطبة أهل الرأي المخلصين ، و لن أمل البحث عن بوارق أمل و سط ركام اليأس و الإحباط و التخريب.
اكرر من موقع الثقة بالله ثم من موقع الاستقواء بعدالة القضية ، و موقع الايمان بوعي أغلبية شعبنا و طاقاته الخلاقة ، و أن الزبد منا يذهب جفاء ، و أن ما ينفع الناس فينا أصيل ؛ أكرر دعوتي للصلح على أساس الأخوة و الشراكة و التكافؤ ، و أكرر دعوتي للحوار - ليس لمجرد الحوار - و لكن لوضع النقاط على الحروف في الكلمات التي اختلفت أهواؤنا على معانيها ، فتحولت حواراتنا حوارات طرشان ، و وثائقنا طلاسم ، يستقوي البعض عند تفسيرها بالشياطين ليحقق مأربه الخاص أو الحزبي ! 
أؤكد أن صفاء النوايا و الطوايا و استقلالية الأفكار و القرار هو البيئة الصحية لحوار المصالحة .
و أؤكد أن المصالحة هي الأصل في استعادة الوحدة و بناء النظام السياسي الفلسطيني الذي أصابه العوار.
أرجو عدم الاستعجال في الرفض ، و عدم التقوقع في دائرة الشروط المسبقة و الخيال الذي سول لابن ٱدم قتل أخيه فأصبح من النادمين .
و أتمنى على بعض المحللين الموتورين أن لا يفسروا دعوتي للمصالحة على أنها تعكس إفلاسا و استسلاما. جميعنا مسلمون مستسلمون لله ، أقوياء بالله ، أشداء على الكفار ، فلا بد أن نعود إلى الرحمة بيننا .
أناشد العقلاء أن يلجموا السفهاء ، و ينظفوا دواوينهم من الذباب الالكتروني الذي يتسلل الى مجالس الحوار .