thumbgen.jpg
thumbgen.jpg

وكأنها انتخابات إعادة لشخص نتنياهو

بقلم / صادق الشافعي
لم تحمل نتائج انتخابات الإعادة التشريعية في دولة الاحتلال أي تغييرات حاسمة أو حتى رئيسية على الصورة العامة لحضور القوى السياسية وقوائمها الانتخابية ولا للتوازن فيما بينها كما نتجت عن الانتخابات السابقة.
التغيير الأهم، هو خوض القوى العربية للانتخابات بقائمة موحدة وتحقيقها تقدما بحوالى 30%. وقد كان لتحريض نتنياهو ضد العرب مفعول عكسي زاد في إقبالهم على التصويت، ولصالح المشتركة.                                                                                                                     هذا التغيير افرح الفلسطينيين في جميع أماكن تواجدهم. كما أفرحهم فشل نتنياهو في عودة مظفرة ومضمونة إلى موقعه، حتى وان وجد من يقول انه ليس "الأسوأ" الوحيد.
لم تقدم الانتخابات المعادة حلا للمشكلة التي فرضت الإعادة، وهي الصعوبة القصوى في تشكيل ائتلاف يملك أغلبية في الكنيست المنتخب تمكنه من تشكيل حكومة.
نادرا جدا ما تمحورت انتخابات تشريعية حول شخص بعينه كما حصل في هذه الانتخابات. لقد نجح نتنياهو في جعل هذه الانتخابات ومحتواها المركزي ونكهتها المميزة وكأنها انتخابات إعادة لشخصه ولبقائه في موقع رئاسة الوزراء.
استفاد نتنياهو في تحقيق ذلك من الحالة النفسية للناس التي تعودت عليه وعلى حضوره القوي والدائم في مركز الموقف والقرار، خصوصا وانه بقي في هذا الموقع عشر سنوات متواصلة يملأ المشهد ويتحمل اكثر من مسؤولية وزارية إضافية.
استفاد نتنياهو من كل الأوراق والخبرات والعلاقات التي وفرها له موقع رئاسة الوزراء: المحلية منها والإقليمية والدولية.
لعب بكل هذه الأوراق كما يلعب الحاوي بمناديله. يخرج منها ما يحتاجه في الموقف والظرف والتوقيت المناسب بغرض التعامل المخادع مع ذلك الموقف والخروج منه بسلام.
وظل الهروب إلى الأمام وإغداق الوعود التي يطمح لها جمهوره، وجمهور واسع من الناخبين بشكل عام، ملاذا جاهزا من ملاذاته. بغض النظر عن واقعية تلك الوعود أو إمكانية تحقيقها، أو التوقيت غير المحدد أو المنظور لذلك.
وظلت الورقة الدولية واحدة من اهم الأوراق التي لعب بها. فقد أعطته إقامته الطويلة في رئاسة الوزارة، فرصة لنسج علاقات مع العديد من قادة دول العالم وبالذات الغربية منها. وقد نجح في تجيير هذه العلاقات لصالح حملته الانتخابية.
آخر الأمثلة على ذلك، لقاؤه في لندن مع رئيس الوزراء البريطاني ووزير الدفاع الأميركي ثم لقاؤه مع الرئيس الروسي قبيل موعد الانتخابات بأيام قليلة.
وتبقى الأهم بين تلك الأوراق الدولية ورقة العلاقات الاستثنائية مع الولايات المتحدة، والعلاقة الشخصية الخاصة التي تربطه برئيسها.
الورقة الدولية، وبالذات الأميركية، وفرت له إمكانية استقراء توجهات مركزية أساسية تتعلق بالمنطقة وخاصة بالموضوع الفلسطيني واستباق إعلانها الرسمي في تركيب وعود أساسية ومهمة عليها وتقديمها للناخب.                                                                                         وقد أفرط في ذلك رغم معرفته أن تحقيق هذه الوعود على درجة عالية من الصعوبة، ويرتبط، أولا وقبل أي عامل آخر، بالعامل الوطني الفلسطيني الرافض والمتصدي لها. وبكثير من العوامل الدولية.
كما يرتبط تحقيقها بعوامل إقليمية شديدة التعقيد والحساسية، ويتعارض مع تقديمه المبالغ لنفسه بطلا للتطبيع مع الدول العربية.
ولن يكون مفاجئا، إذا ما نجح بالعودة إلى رئاسة الوزارة، أن يتراجع تركيزه على هذه الوعود، واهتمامه بها، أو تناسيه لها، ولو من باب الادعاء بالتأجيل بانتظار الظرف الأنسب.
لقد خاض نتنياهو معركته الانتخابية بما يمكن وصفه بـ"الاستقتال". لأنه موقن تماما أن نتيجة الانتخابات تضعه أمام خيارين لا ثالث لهما:
الخيار الأول، هو العودة إلى موقع رئاسة الوزارة ليواصل مسيرته الطويلة فيه وليضرب جميع الأرقام القياسية لكل من سبقوه فيه.
وليقود من هذا الموقع تحقيق أهداف له ولناخبيه والمتوافقين معه تقع في صلب عقيدتهم التوراتية الصهيونية العنصرية، والتوسعية الاستيطانية، والإلغائية في نفس الوقت.
ثم، وربما الأهم، استغلال قوة ونفوذ الموقع في تبييض صفحته القضائية والخلاص من الاتهامات الجادة التي تلتصق بها والملاحقات التي تطارده.
أما الخيار الثاني، فهو ليس فقط الذهاب إلى غياهب النسيان مذموما مدحورا، هو وكل دوره وتاريخه السياسي، بل ربما إلى غياهب السجون عند التحريك الوشيك للملفات الاتهامية ذات المصداقية القضائية المعروفة والجاهزة ضده.
نتائج الانتخابات أبقت الأزمة التي فرضت إجراءها استثنائيا على حالها، بما يشكل حالة استعصاء.                                                                                                              عنوان الحالة، هو الصعوبة القصوى في تشكيل ائتلاف يملك أغلبية في الكنيست المنتخب تمكنه من تشكيل حكومة.
وأساسها، تمسك نتنياهو ومعه "الليكود" وائتلافه اليميني بموقع رئاسة الوزارة لشخص نتنياهو، ورفضهم المطلق لمغادرته لها.
أما التفصيل فهو عدم قدرة أي فريق تحقيق ائتلاف يملك أغلبية في الكنيست.
وأما الحل فهو الدخول في مساومات تفرض تنازلات كبيرة وأساسية وصعبة جدا. ويظل بقاء أو مغادرة نتنياهو عنوانها الأبرز والأعقد، وأما العودة إلى حل الكنيست مجددا والدعوة إلى انتخابات جديدة أخرى فهو المهزلة.
هل يمكن أن يكون شن حرب على الفلسطينيين في غزة بالذات احد خيارات نتنياهو للخروج من مأزقه؟