GbEr4.jpg
GbEr4.jpg

هل دولة الاحتلال أكثر أمناً الآن؟!

بقلم / عبد الناصر النجار

نتنياهو يكذب، ربما هذا العنوان الأكثر وضوحاً في التعليقات الإسرائيلية على نتائج العدوان الذي أسموه «الحزام الأسود».. وهو عدوان أسود فعلاً حصد كثيراً من أرواح الأطفال، ولعل مشهد البحث عن أطفال عائلة أبو ملحوس في دير البلح، ثم انتشال جثامينهم أوضح دليل على أن نتنياهو وجيشه لم يوعدا يفرقان بين طفل ومقاتل، ومنزل، وثكنه، ومدرسة، فالفلسطينيون عند الاحتلال جميعهم سواء.

لو كانت الصورة مقلوبة وسقط صاروخ على منزل إسرائيلي ودفنت جثث أطفال هناك، ماذا كان سيكون موقف العالم؟ وكيف ستكون ردود الفعل العالمية؟! يبدو أن المشهد أصبح سريالياً إلى درجة لا يمكن لعقل إنساني أن يتقبله.

حكومة الاحتلال برئاسة نتنياهو اتخذت قرار العدوان، وبعد ثلاثة أيام وافقت على قرار التهدئة، مدعية أن الموافقة جاءت بعد تحقيق أهداف هذه الجولة العدوانية، ولكن السؤال المطروح هل أصبحت إسرائيل أكثر أمناً بعد ارتكابها مزيداً من القتل والدمار في قطاع غزة؟ وهل الحدود الجنوبية ستكون أكثر هدوءاً، أم أن واقع الأمر يقول عكس ذلك تماماً، فالذي نتج هو مزيد من الكراهية والحقد على الاحتلال.. ومزيد من الإصرار على المواجهة.

وسائل التواصل الاجتماعي في الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني تؤكد أن هذه الجولة هي محاولة فاشلة لإخراج نتنياهو من مصيدة الفساد.. وفي الصحافة العبرية بمختلف توجهاتها، هناك سخرية من ادعاءات نتنياهو بأنه حقق النصر.. ويتساءلون ما هو هذا النصر، وكم سيدوم من الوقت.
الصوت الإسرائيلي بدأ يرتفع بعد أن هدأ دوي الصواريخ.. كاشفاً أن نتنياهو يكذب وأكبر دليل على ذلك هي تصريحات زعيم كتلة «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان، أول من أمس، الذي أكد أن نتنياهو يضلل الجمهور الإسرائيلي ويخدعه من خلال شعارات لا قيمة لها على أرض الواقع.
يقول ليبرمان: «تنظيم صغير مثل الجهاد الإسلامي فرض حظراً التجول على إسرائيل لثلاثة أيام ويأتي نتنياهو ويقول انتصرنا!».

صحافيون إسرائيليون عبروا عما يشعر به الإسرائيليون بأن عنوان «انتصرنا على الجهاد» عنوان مضحك. حتى نجاح سلطات الاحتلال في عملية اغتيال الشهيد «أبو العطايا» لن تغير كثيراً من واقع الحال في القطاع، أو قوة المقاومة هناك.
بعد العودة إلى سياسة الاغتيالات الإسرائيلية التي طالت المئات من القادة والكوادر نسأل، هل ساهمت هذه الاغتيالات في تحقيق الأمن لدولة الاحتلال؟!! ابتداء من سبعينات القرن الماضي وعمليات الاغتيال متواصلة والشهداء يرتقون، وكل شهيد يحل محله عشرة، ما يعني أن الاغتيالات سياسة عبثية إجرامية تزيد الأوضاع تعقيداً، وتأكيداً فإن هذا هو الجيل الفلسطيني الثالث منذ النكبة، فهل زعزعت الاغتيالات من صمود الفلسطينيين أو تمكنت من إضعافهم؟!! وهل ساهمت سياسة هدم المنازل في الحد من العمليات ضد الاحتلال؟!! هذه أسئلة يطرحها صحافيون إسرائيليون وحتى نخب إسرائيلية.. وحتى من هم على هامش الحياة السياسية والاقتصادية والأمنية في إسرائيل، وليس الفلسطينيون فقط.
ربما تكون جولة أخرى من العدوان المتواصل على غزة انتهت، ولكن من المؤكد أن الاحتلال لم يكسب هذه الجولة، ربما تمكن من تحقيق هدف ما من خلال العودة إلى سياسة الاغتيال، ولكنه أيضاً خسر كثيراً، والجبهة الداخلية الإسرائيلية تؤكد ذلك.
إذا كانت دولة الاحتلال تفكر بحل نهائي، فإن الحل يكمن فقط بالسلام العادل القائم على حل الدولتين، الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف مع الاعتراف بحق العودة، دون ذلك ستظل دائرة الحرب والقتل هي العنوان في هذه المنطقة. ومن المؤكد أنه إذا لم ينعم الشعب الفلسطيني بالسلام والهدوء والحرية، فلن تنعم إسرائيل بها!!!