«بيرزيت» ... ما هو الدرس؟

بقلم / رامي مهداوي

لنتفق في البداية بأنني أنتمي لدرجة التحيُز الكامل لجامعة بيرزيت بكل مكوناتها من طلاب وحركة طلابية وإدارة ومعلمين وموظفين ونقابة ومبان وأشجار، إحساس بالفخر في هذا الانتماء لدرجة أن أي خريج من هذه الجامعة مهما كان تخصصه أو انتماؤه الحزبي يمدني بشعور أننا نحمل جيناتٍ مشتركة تتمثل بما تعلمناه سوياً والمتمثل بالليبرالية والديمقراطية، والتي انعكست على شخصياتنا كطلاب خريجين من هذا الصرح الأكاديمي.
أزمة جامعة بيرزيت الأخيرة لم تكن أزمةً خاصة بها من وجهة نظري، هي انعكاس واقع مؤلم نعيشه جميعاً، كلٌ حسب موقعه في الجسد الفلسطيني. ليس هذا فحسب، فأزمة «بيرزيت» قامت بتعريتنا لدرجة أننا فقدنا معرفةَ مهامنا وما هو المطلوب منّا كمجتمع من أجل حل الأزمة، واكتفينا بالتنظير تارةً على الحركة الطلابية، وتارةً على الإدارة، وتارةً على الاثنين معاً.
لهؤلاء أقول إن «بيرزيت» عام 2020 هي ليست كما كانت عام 2000 وليست كما كانت في فترة الانتفاضة الأولى، وليست كما كانت منذ تأسيسها، لهذا من يريد أن يحاسب ويحمل المسؤولية لأي جهة كانت؛ عليه في البداية تحليل المنظومة الحالية التي وصلنا إليها وخصوصاً للواقع السياسي، الاقتصادي، الاجتماعي، الثقافي.
القضية ليست أنه تم حل أزمة «بيرزيت»، ما أشاهده هو تأجيل للأزمة والأزمات القادمة لمراحل قادمة، إعطاء المريض مُسكنات لا يمثل العلاج وإنما هو جزء من رحلة العلاج، وهذا ما تقع به أغلب مؤسساتنا بأننا لا نعالج المشكلة بقدر ما نعمل على تأجيلها ثم تأجيلها، وبالمحصلة النهائية تنفجر الأزمة بشكل أقوى مما سبق، ثم نعيد الكَرَّة مرةً أخرى.. مُسكنات ثم تأجيل.
تستطيع جامعة بيرزيت أن تكون مختلفة، ونحن أبناؤها نريدها أن تكون دائماً مختلفة برياديتها وطليعتها، بتقدمها ليس في الإطار النظري، وإنما آن الأوان الانتقال الى الفعل العملي، وذلك من خلال التفكير والنظر إلى أين تقف «بيرزيت» في عام 2020 من ذاتها ومن الحالة الفلسطينية التي تنعكس عليها بشكل واضح ويومي.
بوضوح أقول، علينا حماية جامعة بيرزيت وليس تدميرها تحت اسم الحفاظ عليها من أي جهة كانت، حماية «بيرزيت» تبدأ بحماية كافة مكوناتها من إدارة ومجلس أمناء وطلاب وحركة طلابية ومجلس طلبة وهيئة تدريسية وعاملين، وإن اختلفت العائلة فيما بينها هل يحق لأي كان تصفيتها وتشويه أبنائها وبناتها؟!
أتمنى على مجلس أمناء جامعتي التي أحب ممثلاً برئيس المجلس د. حنا ناصر أن يقود حراكاً بشكل مختلف عما سبق في النظر الى الجامعة من منظور استنهاضي بعين مفتوحة على المتغيرات التي ضربت وستضرب المجتمع الفلسطيني؛ «بيرزيت» جزء من الجسد الفلسطيني، والجسد مرهق مُثقل. لنحاول جميعاً إنعاش الجسد وليس ذبحه من أجل المُحاصصة.

للتواصل
[email protected]
فيسبوك
 RamiMehdawi