لكن الفرصة ذهبية للمقاومة والاحتلال

محللون لـ"الجديد": اسرائيل غير جاهزة لاتمام صفقة الأسرى بدون حكومة شرعية

خاص - الجديد الفلسطيني

أزمة انتشار وباء كورونا لم تلقي بظلالها فقط على القطاع الصحي، بل تفشت كما ينتشر الفيروس لتلعب أدوارا مهمة في جميع مناحي الحياة، وأبرزها الاقتصاد والسياسة، وموازاة مع بداية الأزمة، عادت إلى الواجهة المفاوضات السرية بين دولة الاحتلال وحركة حماس من أجل الافراج عن الجنود الاسرائيليين الأسرى لدى حركة حماس في غزة، وعاد الوسطاء والأطراف الدوليين إلى لعب أدوار بعدما مهدت لهم عدوى كورونا الطريق لذلك، ففي الوقت التي ترى فيه منظومة الاحتلال الأمنية أنها فرصة ذهبية ويجب عدم اضاعتها، يخشى نتنياهو من اتمامها أو الاتفاق على الخطوط العريضة لها قبل تشكيل حكومة الاحتلال الجديدة، فيما تستعد حماس لاتمامها مقابل تسهيلات طال انتظارها.

الكاتب والمحلل السياسي المختص في شؤون الشرق الأوسط محمد الشرقاوي، يرى أن توقيت اتمام صفقة تبادل بين دولة الاحتلال، وحركة حماس، لاعادة الجنود الاسرى مقابل الافراج عن الأسرى المرضى وكبار السن من سجون الاحتلال فرصة ذهبية لا تعوض، في ظل انشغال العالم بمواجهة تفشي جائحة كورونا، التي أصابت قرابة أكثر من مليون و300 ألف شخص حول العالم وقضت على قرابة 150 ألف آخرين.

وأوضح في تحليل لـ"الجديد الفلسطيني" أن دولة الاحتلال مستعدة لتقديم تنازلات من أجل استعادة مستوطنيها الأحياء ورفاة جنودها، التي تركتهم خلفها في عدوان 2014 على القطاع، لكن المعضلة التي تخشاها حماس تكمن في مساحة التزام الاحتلال بما تفرضه حركة حماس التي تسيطر على القطاع، من مطار وميناء، وتجريد القطاع من سلاح المقاومة.

وذكرت صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية، ان "الجيش والمخابرات الإسرائيلية يعتقدون أن هذه فرصة ذهبية لحسم ليس فقط هذا الموضوع، وإنما لخلق جسر مهم مع حماس"، مؤكدة أنه "إذا تمكنت إسرائيل من إرفاق الصفقة بمساعدات طبية وإنسانية في ظل أزمة كورونا ، فإن الأفق مفتوح لاتفاق أوسع بكثير".

وشددت الصحيفة على أن جميع المحافل السياسية والأمنية رفيعة المستوى والمطلعة على شؤون قطاع غزة، تعتقد أنه "توجد الآن لحظة مناسبة ونادرة، وقد تكون لمرة واحدة، من أجل التوصل إلى تفاهمات وتسويات مع حماس، بما في ذلك مواضيع بدت حتى وقت متأخر أنها غير قابلة للحل".

وأشار إلى أن التسوية قد تمضي في طريقها هذه المرة، وقد يكتب لها النجاح، فزعيم غزة الجديد، "السنوار" يمتلك من الكاريزما ما تؤهله لفهم مراوغات الاحتلال، بحكم الفترة التي أمضاها في السجن، اضافة إلى تعمقه في دراسة عقلية الاحتلال، مشيرًا إلى أن فرض نظرية تثبيت قواعد الاشتباك مع الاحتلال كتب لها النجاح بفضله.

ولفت إلى أن نتنياهو بات بأمس الحاجة إلى انجاز مهمة "قومية" وبطولية تعيد له شعبيته التي تدنت في السنوات الماضية، وأيضا شعبية حزبه الليكود، موضحة ان الصفقة اذا تمت في عهده ستكسبه المزيد من الوقت للهروب خطوة إلى الأمام من محاكمته على قضايا الفساد التي يواجهها داخل اسرائيل.

وذكرت القناة 20 العبرية أن صفقة تبادل بين اسرائيل وحماس لازالت بعيدة بالرغم من توارد انباء عن اتصالات متقدمة تجريها مصر لاطلاق سراح الاسري الاطفال  والمرضي  والنساء، وأشارت إلى أن الصفقة من المحتمل أن تشمل القادة الثلاثة مروان البرغوثي، وأحمد سعدات، وفؤاد الشوبكي.

الكاتب والمحلل السياسي المختص في الشأن الاسرائيلي، د. هاني العقاد، يرى أن صفقة التبادل التي يتم الحديث عنها في وسائل الاعلام، بالرغم من تقاطع المعلومات المتواردة، ونفي حماس، وتلميحها في بعض الأحيان، ستكون على ثلاث مراحل، وتشمل المرحلة الأولى "صفقة معلومات" موثقة  اي تسليم حركة حماس معلومات عن ما لديها من جثث واسرى احياء واعدادهم مقابل ان تفرج اسرائيل عن 250 اسيرًا من الاسرى المرضى والنساء والاطفال والمصدر، ويضيف، اما في المرحلة الثانية فاتوقع ان يتمحور موضوع المفاوضات حول  اعادة اطلاق سراح محرري صفقة شاليط الذين تم اعتقالهم بعد الصفقة والتدقيق على عدم تكرار اسرئيل لمثل هذه الاعمال التي من شأنها ان تنسف اي اتفاق نهائي .

وأشار في تحليل خاص لـ"الجديد الفلسطيني" إلى أن المرحلة الثالثة هي تسليم حماس ما لديها من جثث مقابل اسرى قدامى وامناء عامون واصحاب المؤبدات والاحكام العالية، وأوضح ان هذه ستكون من اعقد المراحل التي ستمر فيها صفقة التبادل لان اسرائيل دائما لديها اعتراض على اطلاق من حكموا بمؤبدات سواء كانوا امناء عامون او مقاتلين في صفوف المقاومة الفلسطينية على اختلاف تشيكلاتها .

وأضاف، سوف تتضمن قائمة الاسرى المنوي مطالبة حماس اطلاق سراحهم من تبقى من الاسري العرب في السجون والمعتقلات الاسرائيلية باعتبار ان حماس الان في مرحلة تفتح فيها افاق علاقات جديدة وكبيرة مع اكثر من طرف عربي.

وترى صحيفة "اسرائيل هيوم" أن الفجوة في إتمام تسوية بين حماس وتل أبيب "ليست في الدلالة اللغوية"، مبينة أن "إسرائيل مستعدة لأن تقطع كل الطريق إلى التسوية، التي تتضمن ترميما عميقا للقطاع وإقامة بنى تحتية واسعة، بما في ذلك خيار الميناء والمطار، لكنها تطالب بالمقابل بتجريد القطاع من الأسلحة، وتسوية موضوع الأسرى والمفقودين"، وتابعت: "حماس غير مستعدة لسماع الشرط الأول، وتفرض شروطا متعذرة على الخيار الثاني"، مستدركة بقولها: "في ظل كورونا فقد تغير شيء ما في غزة، وحماس أبدت استعدادها للحديث، وهي براغماتية كبيرة".

وأكد العقاد، أن دولة الاحتلال غير جاهزة للدخول في مفاوضات الصفقة بمراحلها الثلاثة، مشيرا إلى أنها ترغب في الحصول على معلومات حول جنودها الذين بحوزة حركة حماس في القطاع قبل الاتفاق على الثمن، ويرى العقاد أنها فرصة تاريخية لاسرائيل من أجل تنفيذ ما ورد في مبادرة السنوار بالافراج عن قائمة اسرى مقابل الحصول على معلومات حول الجنود.

وشدد العقاد على أن الصفقة لن تتم إلا إذا تولى نتنياهو رئاسة الحكومة الاسرائيلية الجديدة، نافيا في الوقت نفسه أن يتنازل نتنياهو عن فرصة بهذا الحجم ويتمها قبل تشكيل حكومة برئاسته، وأضاف، عدم وجود حكومة شرعية مخولة بذلك بالاضافة  للكورنا وانشغال الحكومة المؤقتة في مواجهة الوباء الذي تفشى في دولة الاحتلال سيدفع باتجاه "التلكؤ" في مفاوضات اتمام الصفقة، إلى أن يتم تشكيل حكومة جديدة وليست مؤقتة.

يشار إلى أن صحيفة "إسرائيل اليوم" العبرية ذكرت اليوم في تقرير لها، أن "القيادة السياسية والأمنية الإسرائيلية، يعتقدون أنه توجد الآن لحظة مناسبة ونادرة للوصول إلى صفقة تبادل، تعيد جثماني هدار غولدن وأرون شاؤول، إلى جانب الإسرائيليين أبرام منغيستو وهشام السيد".

وقالت الصحيفة، إن "صفقة كهذه لن تتم بالمجان، وستتطلب تنازلات من إسرائيل أيضا، وبعضها أليم، ويتمثل بتحرير معتقلين فلسطينيين، معظمهم كبار في السن ومرضى"، مشيرة إلى أن حماس تصر أيضا على تحرير كامل لجميع محرري صفقة شاليط، ممن اعتقلوا من جديد في السنوات الأخيرة.