ماذا بعد ترامب؟.. السعودية والإمارات تواجهان خطر ردة فعلٍ عكسية من الكونغرس بعد رحيل حليفهم من البيت الأبيض
ماذا بعد ترامب؟.. السعودية والإمارات تواجهان خطر ردة فعلٍ عكسية من الكونغرس بعد رحيل حليفهم من البيت الأبيض

ماذا بعد ترامب؟.. السعودية والإمارات تواجهان خطر ردة فعلٍ عكسية من الكونغرس بعد رحيل حليفهم من البيت الأبيض

لم تتمتع السعودية وحليفتها الإمارات بمثل هذه العلاقات الوثيقة مع رئيسٍ أميركي من قبل.

التحدي الماثل أمام هاتين الدولتين الآن هو التأكُّد من ألّا ترتد العلاقات الشخصية التي أقاماها مع الرئيس دونالد ترامب بنتائج عكسية على المدى الطويل، أو تجرهم إلى السياسة الأميركية المثيرة للخلافات، وفق صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.

هناك بالفعل إشارات على ردة فعلٍ عكسية، خصوصاً في الكونغرس، إذ دفع أعضاء ديمقراطيون بارزون وبعض الجمهوريين باتجاه التصويت على مشروع قانون في مجلس الشيوخ يمنع الدعم الأميركي للحملة السعودية في اليمن، تماماً في الوقت نفسه الذي يبدأ فيه ولي عهد المملكة الأمير محمد بن سلمان زيارةً تستمر أسبوعين إلى الولايات المتحدة. لكنَّ تصويت مجلس الشيوخ أخفق بنتيجة 45 صوتاً مؤيداً مقابل 54 صوتاً معارضاً بعد ظهر أمس الثلاثاء 20 مارس/آذار.

وتجتذب العلاقات الوثيقة التي طوَّرتها الإمارات والسعودية مع جاريد كوشنر صهر الرئيس ترامب الأنظار، في الوقت الذي يبحث فيه تحقيق المحقق الخاص روبرت مولر في تعاملات كوشنر ومسؤولي حملة ترامب الآخرين والمتبرعين مع القادة الأجانب.

وكانت السعودية أول دولة أجنبية زارها الرئيس ترامب، وهي الرحلة التي شهدت أجواءً احتفالية كبيرة وأتبعها قرارٌ سعودي إماراتي -رحَّب ترامب به في بادئ الأمر- بفرض حصارٍ على جارتيهما قطر.

ومنذ ذلك الحين، رسَّخ الأمير محمد سلطته، فأزاح ولي العهد السابق ونصَّب نفسه حاكماً للمملكة في إدارة شؤونها اليومية. وتهدف زيارة الولايات المتحدة -وهي الأولى له كولي للعهد- إلى تعميق تلك العلاقات مع إدارة ترامب والترويج للسعودية لدى مجتمع الأعمال الأميركي.


العلاقات الأوسع ليست بنفس القوة

وقال أندرو بوين المتخصص في شؤون الخليج بمعهد إنتربرايز الأميركي في واشنطن: "العلاقات السعودية مع البيت الأبيض لم تكن قط أقوى مما هي عليه الآن، لكنَّ العلاقات الأوسع مع الولايات المتحدة ليست على أرضيةٍ بنفس الصلابة. لقد وضعوا كل بيضهم في سلة ترامب-جاريد، وتلك استراتيجية خطرة حقاً. أصبحت علاقتهم بالولايات المتحدة قائمة على أساس شديد التحزُّب، وبدخولهم السياسة الداخلية (الأميركية)، فإنَّهم يجازفون بالاكتواء بنار الإدارة المقبلة".

يقول المسؤولون السعوديون والإماراتيون إنَّهم يهدفون لتعزيز العلاقات مع الأطياف السياسية المختلفة في واشنطن. ومن المقرر أن يلتقي الأمير محمد بن سلمان بقادة الكونغرس من كلا الحزبين كجزءٍ من جولته الأميركية.

وقال علي الشهابي، رئيس المؤسسة العربية، وهي مركز بحثي في واشنطن مقرّب من الحكومة السعودية: "تُبذَل جهودٌ قوية للتواصل مع الشخصيات الديمقراطية. لكن في نهاية المطاف ترامب هو الرئيس ويجب التودد إليه. أنتم انتخبتموه وليس نحن".

أحد الأسباب التي تجعل القادة السعوديين والإماراتيين متحمسين للغاية حيال إدارة ترامب هي المرارة الشديدة التي لا يزالون يشعرون بها من رئاسة أوباما. فمن وجهة نظر الرياض وأبوظبي، تجاهلت إدارة أوباما مصالحهما الوجودية، فيما استرضت عدوتهما اللدودة إيران وتوددت إلى خصمٍ آخر لهما هو الإخوان المسلمون.

وبالنسبة للسعودية والإمارات، يطغى التوافق الحالي في الآراء بشأن هاتين القضيتين مع إدارة ترامب على أي اختلافاتٍ أخرى ربما تكون موجودة بين الطرفين.

وقال السفير الإماراتي لدى واشنطن يوسف العتيبة إنَّ "قوة علاقتنا مع إدارة دونالد ترامب تعود إلى اتفاقنا في قضايا السياسة الخارجية والتطرف، وبالتطرف أعني بشكلٍ واسع كل المجموعات، بدءاً من الإخوان المسلمين وحتى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش). إنَّنا نعمل الآن مع إدارة ترامب التي تحاول جاهدةً تقليص النفوذ الإيراني في المنطقة، وتلك أولوية لنا. ونحن متفقون بشأن التهديد الذي تُشكِّله إيران ليس على الخليج فقط، بل وأيضاً على الولايات المتحدة وإسرائيل والاستقرار".

جرَّت معارضة فكرة تواصل إدارة أوباما مع إيران دولة شرق أوسطية أخرى إلى السياسة الداخلية الأميركية، وهي إسرائيل. إذ ألقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خطاباً مثيراً للجدل في الكونغرس الأميركي عام 2015 تلبيةً لدعوة قادة الكونغرس الجمهوريين.

وفي حين أضعفت تلك الخطوة من الدعم الثنائي التقليدي الذي تلقاه إسرائيل من كلا الحزبين، فإنَّ عمق واتساع علاقات إسرائيل مع الولايات المتحدة لا يزال قوياً على نحوٍ فريد.

أمَّا موقف السعودية والإمارات في الولايات المتحدة فسيتأثر بصورةٍ أكبر بكثير إذا ما دخلا في معركةٍ حزبية مماثلة، وهو السبب الذي جعلهما أقل صراحةً في انتقادهما للاتفاق النووي الإيراني آنذاك.

وقال جيرالد فايرستاين، السفير الأميركي السابق لدى اليمن مدير شؤون الخليج بمعهد الشرق الأوسط: "في ما يتعلَّق بالعلاقة مع الولايات المتحدة، لا أعتقد أنَّه بالإمكان مقارنة أي دولة بوضع إسرائيل. وليس من الحصافة إطلاقاً لأي حكومة أجنبية أن تقيم علاقاتٍ غير متوازنة مع كلا الحزبين في واشنطن".

أدركت الإمارات الحاجة لتكوين مثل تلك العلاقات مع كلا الحزبين في 2006، حين واجهت ردة فعلٍ عنيفة غير متوقعة من الكونغرس على خلفية تحرك شركة موانئ دبي العالمية للسيطرة على 6 موانئ أميركية، وأُرغِمَت على التخلي عن الصفقة.

أمَّا بالنسبة للسعودية، فواجهت انتكاسةً كبرى في واشنطن قبل وقتٍ ليس ببعيد عام 2016، حين تجاوز الكونغرس الفيتو الرئاسي وأصدر قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب (جاستا)، وهو القانون الذي من شأنه أن يسمح لضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 بمقاضاة السعودية في المحاكم الأميركية. وجديرٌ بالذكر أنَّ 15 من بين 19 من مرتكبي تلك الهجمات جاؤوا من السعودية، واثنين منهم من الإمارات.

وقال أندرو إكسوم، الذي عمل نائباً لمساعد وزير الدفاع الأميركي لسياسة الشرق الأوسط في إدارة أوباما: "أدرك السعوديون -بعد جاستا- أنَّ لديهم مشكلة لا يمكن حلها بأربع سنوات من حكم ترامب. ومن ثَمَّ، أعتقد أنَّهم قلقون من أنَّهم متحالفون مع إدارة ترامب بصورةٍ وثيقة أكثر من اللازم، ويريدون بشدة إقامة علاقات مع أعضاء الكونغرس الديمقراطيين الرئيسيين".