رسالة مفتوحة إلى معفرة ... القدمين !

بقلم:أماني كساب

إلى تلك السيدة التي قالت يوما أنا قدمي معفرة بتراب الأرض، من دفع برأس المال أكثر يقابلني، واللي عنده شرف أكثر يقابلني، واللي اله موقع أكثر مني بالنضال بالتنظيم والعمل الوطني والاجتماعي والسياسي يقابلني".

سأخبرك تفاصيل وأعطيك نموذج حي وواقعي للمعنى الحقيقي للنضال في ظل بيئة خصبة للانتهازيين والمنتفعين الموجودين في الساحة الان لعل وعسى أن نتفق على مفهوم واضح للعمل النضالي

يقول نابليون بونابرت : " المرأة التي تهز السرير بيمينها ، تهز العالم بيسارها " ، هذا هو التوصيف الحق للمرأة الفلسطينية التي تعتبر صاحبة القضية الأقوى في العالم والمثال الأول للصبر والتحمل فهي المرأة المبدعة في كافة جوانب الحياة السياسية والاجتماعية والنضالية ، وهي التي تقدم روحها وروح أحب الناس على قلبها فداء للوطن ، فالكثير من النساء في المجتمع الفلسطيني عملن بكد وتعب من أجل بناء الوطن فخضن تجربة الكفاح والنضال والعمل الوطني ، وشاركن بقوة , فشكلن بذلك أسمى معاني التضحية والصمود والتميز بدون أن يعلم بهن أحد فهن قدمن للوطن ولم يقدمن من أجل المنصب أو المجد المزيف .

اقدم إليك نموذج لامرأة فلسطينية قاومت وصبرت وقدمت للوطن مالم تقدمه صاحبة منصب زائل

قصة امرأة فلسطينية تزوجت واعتقدت أنها ستعيش متل نساء العالم بحياة مستقرة في بيت الزوجية ولكن تاتي الرياح بما لا تشتهي السفن كان نصيبها من الحياة زوج فدائي مناضل يحمل الإسم الحقيقي للنضال وذلك في اواخر السبعينات عندما كان العمل النضالي آنذاك صعبا وحكرا على الرجال الرجال في ظل بيئة لم تكن المرأة الفلسطينية وصلت الى ما وصلت له الان من تقبل المجتمع المحافظ لمفهوم المرأة المناضلة وماله من تبعات

اقرأ أيضاً تلك السيدة التي كانت تبلغ آنذاك من العمر سته عشر عاما بالمفهوم الحديث تعتبر أنها مازالت طفلة , تزوجت من ابن عمها والتي كانت على علم مسبق أنه امضى خمس سنوات في معتقلات الاحتلال الاسرائيلي قبل زواجهما بتهمة الانتماء لحركة فتح وحيازة سلاح.

انتقلت من مدينة رفح لغزة لتستقر في بيت الزوجية لتعيش واقع لم تتخيله يوما زوجة فدائي, حيث تم اعتقاله مرة أخرى بعد عشرين يوما من زواجهما لمدة أربعون يوما وخرج وهي مدة التحقيق المتعارف عليها , وبعدها انجبت طفلهما الأول والذي كان يبلغ في تلك الفترة عامه الأول عندما حاصر جيش الاحتلال الإسرائيلي المنزل لاعتقال الزوج الذي كان بالعمل بتهمة الانتماء لحركة فتح وتم اعتقالها هي وطفلها وهي حامل بالطفل الثاني في الشهر الثالث بدلا عنه و بقيت في المعتقل لمدة ستة اشهر في ظل معاناة والم لها كام ومعها طفل صغير معتقل ’ في تلك الفترة أرسلت تلك الزوجة من خلال وسيط للزوج بعدم تسليم نفسه والطلب منه أن يحاول مغادرة قطاع غزة بأسرع وقت مصرة على أنها لن تخضع للابتزاز الاسرائيلي , وشاءت الظروف في تلك الفترة من اعتقالها ان تلتقي مع الاسيرة المناضلة عايدة سعد والتي دربتها على كيفية تحمل الضغط النفسي خلال التحقيق والذي يمارس من قبل الاحتلال الاسرائيلي ، حتى أنجبت طفلها الثاني في داخل المعتقلات الاسرائيلية , اخبرتني تلك الزوجة ان ضابط المخابرات الاسرائيلية قال لها بالحرف الواحد " مبروك صار عندك تلات ارهابين سميه كارلوس " وغادرت بعد الإنجاب فورا نتيجة عدم اعترافها و تم وضعها تحت الاقامة الجبرية في منزلها وتم سحب هويتها منها من قبل ضباط المخابرات الإسرائيلية .

وخلال تلك الفترة ما لبثت دوريات جيش الاحتلال الإسرائيلي من اقتحام المنزل بحثا عن زوجها ليل نهار لدرجة انها كانت تقضى ليلتها بلباس الخروج لأن اغلب اقتحاماتهم للمنزل تكون ليلا و غالبا ما كانت تستفيق على اضاءة كشافات جيش الاحتلال الاسرائيلي وهي على سرير نومها هي وطفليها الصغيرين , تم اعتقالها لاحقا بشكل متكرر والتحقيق معها كثيرا للضغط على زوجها لتسليم نفسه والوصول لحد أنها كانت عندما تريد زيارة عائلتها في رفح كانت توقع لدى المخابرات الإسرائيلية وسط خوف الجيران حيث كانوا يتجنبون زيارتها خوفا من ان يتم وضعهم تحت المراقبة المستمرة .

غادر الزوج قطاع غزة تهريب عن طريق صحراء سيناء من خلال مساعدة بعض البدو له هناك وبعد حوالي عامين من التعذيب النفسي الممنهج وملاحقة الاحتلال لها غادرت الزوجة بنفس الطريقة والتقى الزوجان في لبنان لفتح صفحة جديدة من صفحات التضحية والنضال في بيروت مع مقاتلي الثورة الفلسطينية علما أنها برغم كل تضحياتها لازالت ربة منزل ولم تقبل الانضمام والعمل في الاتحاد العام للمراة الفلسطينية عندما عرضت عليها ام جهاد ذلك لانها لم تسعى يوما لمنصب ولا لثمن لتلك التضحيات .

حاولت أن أكتب بحروف قلية مختصرة حجم المعاناة والالم لفترة زمنية صغيرة وبسيطة لام وعائلة و زوجة بعمر طفلة ضحت وقدمت ما لم يقدمه الذين يدعون الوطنية والنضال كتبت قصة امرأة فلسطينية افتخر بها كنموذج للمرأة الفلسطينة المناضلة الحقيقة والتي ذاقت الأمرين في سبيل إيمانها بقضيتها ، كتبت قصة انسانه و أم ممتلئة بالحب تروي حكاية وطن رسم في الوجدان فانتفضت الخريطة في قلوب صغارها لترسم وطن بالوان زاهية بعيونهم، تلك الزوجة و والام بكل فخر واعتزاز هي