فلسطينيو بريطانيا يتخوفون من الخلط بين معاداة السامية ومعاداة الصهيونية

في رسالة مفتوحة لقيادة حزب العمال البريطاني

أعرب عدد من قيادات الجالية الفلسطينية في بريطانيا عن تخوفهم من انكماش مساحة حرية التعبير داخل حزب العمال عندما يتعلق الأمر بالحقوق الفلسطينية وبالصراع مع الاحتلال الإسرائيلي. جاء ذلك في رسالة مفتوحة نشرت يوم أمس (17-9) تم توجيهها لقيادة حزب العمال البريطاني وقعها أكاديميون ونشطاء وصحفيون ومحامون ورؤساء مؤسسات تضامنية أغلبهم من أعضاء حزب العمال البريطاني الذي يعتبر تاريخيا الحزب البريطاني الأكثر تضامنا مع الشعب الفلسطيني.

وجاء في الرسالة أن المساحة المتاحة لعرض حقائق تاريخ الشعب الفلسطيني وحقائق المعاناة المستمرة والصراع مع الاحتلال في الفضاء العام باتت مهددة بشدة في ظل القيادة الجديدة لحزب العمال. وخاصة بعد تبني قيادة الحزب التعريف الجديد لعداء السامية الذي حدده التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست، بما في ذلك الإجراءات التأديبية داخل الحزب، دون الإشارة إلى المخاوف المتعلقة بالتهديد الذي تشكله هذه الأمثلة المعتمدة مع التعريف على حقوق الفلسطينيين وأعضاء الحزب الذين يدافعون عن حقوقهم ويعملون من أجل العدالة للشعب الفلسطيني.

وأشارت الرسالة إلى أن حزب العمال الدولي يتحمل مسؤولية خاصة في معالجة المظالم المستمرة ضد الشعب الفلسطيني، الذي حرم من حقه في تقرير المصير إبان الانتداب البريطاني بسبب الدور الذي لعبته بريطانيا كقوة استعمارية أدت إلى نكبة عام 1948، عندما تم تهجير الفلسطينيين قسرا من منازلهم.

وفي الوقت الذي أشاد موقعو الرسالة بأهمية الالتزامات التي قدمها حزب العمال في المؤتمرات الحزبية الأخيرة، بما في ذلك رفض ما يسمى بـ "صفقة القرن" وأي حل مقترح لا يقوم على أساس الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تقرير المصير والعودة إلى دياره. على النحو المنصوص عليه في القانون الدولي. ورحبوا بدعوة قيادة الحزب لفرض حظر على سلع المستوطنات ردا على مقترحات إسرائيل بضم مساحات أخرى من أراضي الضفة الغربية المحتلة. إلا أنهم أعربوا عن قلقهم العميق إزاء الخطوات التي يتم اتخاذها داخل الحزب والتي لن تؤدي إلا إلى تقليص المساحة المتاحة في حزب العمال للفلسطينيين البريطانيين وغيرهم من الأعضاء لتأكيد حقوقهم في النضال من أجل إنهاء اضطهاد الشعب الفلسطيني.

وأكدوا بشكل لا لبس فيه على أن التعامل مع مشكلة معاداة السامية داخل الحزب يجب ألا تتعارض مع الالتزامات السياسية لحرية التعبير ولحماية الحقوق الفلسطينية. وألا تكون على حساب احترام حقوق الفلسطينيين في النضال ضد الاحتلال وذد العنصرية الإسرائيلية، وشددوا على أن احترام حق الفلسطينيين وأنصارهم في التعبير عن معاناتهم من الاحتلال لا يتعارض بأي شكل من الأشكال مع محاربة معاداة السامية، بل إنه جزء لا يتجزأ من هذا النضال ضد العنصرية.

وحذروا في ذات الوقت من الخلط بين معاداة الصهيونية ومعاداة السامية. ومشددين على ضرورة التمييز بين الصهيونية التي هي أيديولوجية سياسية وحركة أدت إلى تجريد الفلسطينيين من ممتلكاتهم، ودعمت وأنشأت الدولة التي تميز ضدهم وتحرمهم من حقوقهم الجماعية، سواء أولئك الذين يعيشون تحت الاحتلال العسكري في الضفة والقطاع والقدس، أو حتى أولئك المواطنين الفلسطينيين في دولة إسرائيل، أو أولئك الذين يعيشون في المنفى كلاجئين محرومين من حقهم بالعودة الى وطنهم.

وقال زاهر بيراوي-رئيس منتدى التواصل الأوروبي الفلسطيني وأحد الشخصيات الموقعة على الرسالة أن تعهدات زعيم الحزب الجديد "كير ستارمر" في سباق الانتخابات لقيادة الحزب وعلاقاته مع المجموعات الموالية لإسرائيل في الحزب، مثل "مجلس النواب اليهودي"، و"أصدقاء إسرائيل في حزب العمال"، و"حركة العمال اليهود"، هي التي جعلت الحزب أكثر تشددا في النظر للحركة التضامنية مع فلسطين. حيث منح ستارمر لهذه المجموعات الداعمة لدولة الاحتلال نفوذا كبيرا في الحزب سيمكنها من تفسير وتطبيق تعريف معاداة السامية بالشكل الذي يخدم دولة الاحتلال ومنع انتقادها، وسيصبح انخراط قياديي وأعضاء حزب العمال في أي أنشطة مؤيدة لفلسطين أمرا صعبا.

وأضاف بيراوي أن هذا السلوك لقيادة الحزب أثر بشكل ملحوظ على قدرة الفلسطينيين وحملات التضامن مع فلسطين في المملكة المتحدة على التواصل مع قيادات حزب العمال، وعلى تنظيم الفعاليات التضامنية، وخصوصا إذا ما تضمنت هذه الفعاليات انتقادا لإسرائيل.

جدير بالذكر أن زعيم حزب العمال السابق "جيرمي كوربين" كان من أكثر المؤيدين للحقوق الفلسطينية والمطالبين بإنهاء الاحتلال والاعتراف بالدولة الفلسطينية، ويعتقد بأن مواقفه من القضية الفلسطينية كانت سببا رئيسيا للإطاحة به في انتخابات الحزب الأخيرة في إبريل الماضي.