2020-11-07t193624z_1011678252_rc2jyj9vebwa_rtrmadp_3_health-coronavirus-argentina-astrazeneca.jpg
2020-11-07t193624z_1011678252_rc2jyj9vebwa_rtrmadp_3_health-coronavirus-argentina-astrazeneca.jpg

ما هو اللقاح الأهم لفيروس كورونا؟

في يناير/كانون الثاني الماضي، عندما كان معظم العالم على دراية بكوفيد-19، تسابق العلماء في مختبراتهم، مُمسكين بنسخة حديثة من الشفرة الوراثية للفيروس التاجي المسبب للمرض. في تلك الأيام الأولى كان من المستحيل تقريباً تخيل أنه في غضون 11 شهراً سيتم التوصل لثلاثة لقاحات فعالة ضد فيروس كورونا. 

ومع ذلك، هذا هو بالضبط ما حدث. في يوم الإثنين 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2020 -الإثنين الثالث على التوالي للإعلان عن نجاح لقاح- أعلن مطورو لقاح كورونا في جامعة أكسفورد وباحثون في شركة "أسترازينيكا" (AstraZeneca)، وهي شركة أدوية كبيرة، عن نتائج مشجعة للغاية لثالث لقاح يتم الإعلان عن نجاحه. 

ما مزايا هذا لقاح أكسفورد ولماذا قد يكون الأهم؟

أفاد الباحثون البريطانيون أن لقاحهم فعال بمتوسط نسبة 70%، لكن الباحثين يقولون إن النسبة قد ترتفع لتصل إلى 90% من خلال التعديل في الجرعة. كما يأتي ذلك مع مكافأة كبيرة، إذ من المتوقع أن يكون هذا اللقاح هو الأرخص والأسهل في التوزيع على مستوى العالم من اللقاحات الأخرى، وينظر إلى هذه النتائج باعتبارها انتصاراً، وبالتالي فإن هذا اللقاح سيلعب دوراً مهماً في مكافحة الوباء، كما تقول مجلة Economist البريطانية.

وقال باسكال سوريوت، الرئيس التنفيذي لشركة أسترازينيكا، في بيان يوم الإثنين "إن فاعلية هذا اللقاح وسلامته يؤكدان أنه سيكون فعالاً للغاية ضد كوفيد-19، وسيكون له تأثير فوري على حالة الطوارئ الصحية العامة".

وتم تقدير النتائج من خلال ما أظهرته البيانات المؤقتة التي تم جمعها من التجارب في بريطانيا والبرازيل، والتي شملت أكثر من 23000 متطوع. مثل جميع اللقاحات مع النتائج حتى الآن، تم إعطاء لقاح أسترازينيكا في كبسولتين. من بين أولئك الذين تلقوا اللقاح لم يتم إدخال أي منهم إلى المستشفى أو حتى عانى من حالة خطيرة. 

يقول الباحثون أيضاً إن لقاحهم قد يقلل من انتقال الفيروس، وهو شيء لم يُعرف بعد عن اللقاحين الآخرين اللذين تم الإبلاغ عن نتائجهما، من شركة Pfizer و Moderna. واللقاح المثالي يحتاج إلى منع الناس من نقل العدوى لبعضهم البعض، وكذلك منع المرضى من الإصابة.

أسرع وأرخص وعمليّ أكثر 

يقول الخبراء والباحثون إن "هذا اللقاح أثبت أنه عملي أكثر بكثير من اللقاحات الأخرى التي ستحصل على موافقة تنظيمية في الولايات المتحدة، بمعنى أنه يمكن نقله وتخزينه والتعامل معه "في ظروف مبردة عادية" تتراوح بين درجتين وثماني درجات مئوية لمدة ستة أشهر على الأقل، كما صرحت بذلك شركة أسترازينيكا، على عكس لقاح فايزر الذي يحتاج إلى 70 درجة تحت الصفر.

كما سيكون من الممكن إنتاج لقاح أسترازينيكا على نطاق أوسع وأسرع في العالم، وأرخص بكثير من اللقاحات الأخرى. وتوصلت شركة أسترازينيكا، التي تعهدت بأنها لن تحقق ربحاً من اللقاح خلال الوباء، إلى اتفاقيات مع الحكومات والمنظمات الصحية الدولية التي قدرت تكلفتها بنحو 2.50 دولار للجرعة. فيما يكلف لقاح فايزر حوالي 20 دولاراً للجرعة، في حين أن لقاح موديرنا يتراوح بين 15 و25 دولاراً، بناءً على الاتفاقيات التي أبرمتها الشركات لتزويد حكومة الولايات المتحدة باللقاحات.

وهذه أخبار سارة للبلدان المتوسطة والفقيرة

وتستعد شركة "أسترازينيكا" وهي شريك التصنيع لجامعة أكسفورد، لتصنيع ثلاثة مليارات جرعة على مستوى العالم. وقال سوريوت، رئيس أسترازينيكا، إن شركته لديها شراكات مع موردين في الهند وأمريكا اللاتينية وروسيا وتايلاند. التزم معهد Serum Institute الهندي للأدوية واللقاحات، بالتصنيع الشامل للقاح أسترازينيكا منذ أبريل/نيسان الماضي. ويقول سوريوت: "سنقوم بتزويد البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل حول العالم من مصادر مختلفة… نحن نهدف إلى القيام بذلك بشكل أو بآخر في نفس الوقت، حتى يتمكن الجميع من الوصول إليه بطريقة منصفة في أسرع وقت ممكن".

ولقاح أسترازينيكا وأكسفورد رخيص أيضاً، ويمكن الاحتفاظ به لمدة ستة أشهر على الأقل في الثلاجة العادية. على عكس لقاح "فيزار" الذي يحتاج إلى تخزين شديد البرودة بدرجة -70 درجة مئوية، ويمكن حفظه في الثلاجة لبضعة أيام فقط؛ كما يمكن حفظ لقاح موديرنا في الثلاجة لمدة شهر. 

هذا يعني أنه يمكن تخزين لقاح أسترازينيكا وأكسفورد في أي صيدلية أو عيادة حول العالم. ويقول ريتشارد هاتشيت، رئيس مؤسسة CEPI التي تمول الأبحاث في لقاحات الأوبئة، إنه يعتقد أن هذا اللقاح لديه القدرة على تغيير مسار الوباء العالمي بشكل كبير ويمكن تقديمه في أي مكان، بما في ذلك البلدان الفقيرة.

كيف يعمل لقاح أكسفورد – أسترازينيكا؟

اللقاح هو عبارة عن فيروس رشح عادي جرى تعديله وراثياً، وهو عادة ما يصيب قرود الشمبانزي. وقد جرى تعديل الفيروس لمنعه من إصابة الأشخاص ولكي يحمل نماذج لجزء من فيروس كورونا، يعرف باسم بروتين سبايك.

وحالما تصبح هذه النماذج داخل الجسم فإنها تبدأ بإنتاج بروتين سبايك الخاص بفيروس كورونا، والذي يتعرف عليه جهاز المناعة في الجسم ويعتبره تهديداً فيحاول تدميره. وعندما يواجه جهاز المناعة الفيروس في الواقع فإنه يعرف الآن ما الذي سيفعله.

وفيما يتعلق بالتجربة، تضمنت تجربة هذا اللقاح نظام الجرعات، حيث تم إعطاء بعض المشاركين في البداية نصف جرعة فقط من اللقاح، تليها جرعة كاملة. وبلغت فاعلية هذا النظام 90%، لكن لماذا قد تعطي جرعة أولية أقل استجابة أقوى؟ قد تكمن الإجابة في الطريقة التي يستخدمها اللقاح لإيصال مادة وراثية من فيروس كورونا إلى الجسم: في ناقل فيروسي- فيروس آخر، يعمل كنوع من الطوق أو الغلاف.

قبل التجارب كان العلماء قلقين من أن الجسم قد يطور مناعة ضد الناقل، وكذلك البروتينات من فيروس كورونا، لكن تشير النتائج إلى أن المناعة ضد الناقلات قد تكون عاملاً في نظام الجرعتين المعتاد، ويمكن لجرعة أولى أكبر أن تهيئ الجسم لتطوير أجسام مضادة للناقل، وبالتالي تقلل من فاعلية الجرعة الثانية. قد تتغلب جرعة أولى أصغر على هذه المشكلة، يتوقع الباحثون الحصول على مزيد من المعلومات في الأسابيع المقبلة من شأنها تحسين الثقة في هذه النتيجة.

متى يمكن للعالم البدء في الحصول على لقاح أكسفورد -أسترازينيكا؟

تقول الشركة إن هناك أربعة ملايين جرعة جاهزة للتوزيع في المملكة المتحدة و 96 مليون جرعة أخرى سيتم تسليمها، لكن لا شيء يمكن أن يحدث إلى أن تتم الموافقة على اللقاح من قبل الجهات التنظيمية التي ستتولى تقييم سلامة اللقاح وفاعليته، والتأكد من أنه مُصنع وفق أعلى المعايير. وهذه العملية ستتم خلال الأسابيع القادمة.

غير أن المملكة المتحدة جاهزة لإعطاء الضوء الأخضر للقيام بحملة تحصين جماعية غير مسبوقة، تتقزم أمامها برامج التطعيم الخاصة بالإنفلونزا السنوية أو التطعيمات التي تعطى في مرحلة الطفولة.

وسيكون نزلاء دور رعاية المسنين وطاقم العاملين فيها أول من يتلقون اللقاح، يليهم العاملون في الرعاية الصحية والمسنون الذين تزيد أعمارهم عن 80 عاماً. وتنص الخطة على الانتقال بعد ذلك نزولاً إلى الفئات العمرية الأقل.

وعلى الرغم من أن شركة أسترازينيكا تقول إن اللقاح كان جيد التحمل من قبل أولئك الذين تلقوه، فإنه لا تزال هناك أسئلة حول حدث ضار غير معروف تسبب في إيقاف التجارب مؤقتاً في وقت سابق من هذا العام. يجب أن ينظر المنظمون الآن في أسئلة مثل هذه، حيث يقومون بتقييم طلبات الحصول على إذن الطوارئ التي سيقدمها صانعو اللقاحات الثلاثة. تقول شركة أسترازينيكا إنها ستسعى أيضاً للحصول على قائمة طارئة من منظمة الصحة العالمية. سيسمح ذلك باستخدام لقاحاتها في البلدان التي ليس لديها سلطات تنظيمية قادرة على تقييم اللقاحات.

إذا لم يكن الوقت جوهرياً، فمن المنطقي الانتظار حتى يتم جمع البيانات طويلة المدى حول هذه اللقاحات الجديدة. لكن في مواجهة الوباء، هذا ليس خياراً، تم تصميم اللوائح والقوانين للسماح باستخدام الطوارئ لمواقف مثل هذه تماماً. ومع ذلك، فهذا يعني أن المنظمين سيحتاجون إلى مراقبة صارمة لهذه اللقاحات الجديدة لفترة من الوقت. في البداية من المحتمل أن يقتصر استخدامها على أولئك الذين يعتبرون في أمس الحاجة إليها، مثل العاملين الصحيين أو كبار السن، وسيصر المنظمون على المراقبة الدقيقة للآثار الجانبية. مع تراكم البيانات، في الربع الأول من العام المقبل، من المرجح أن يتم تخفيف هذه السلاسل.

العالم أصبح لديه 3 لقاحات عالية الفاعلية

ورغم أنه من المغري مقارنة فاعلية لقاح أكسفورد وأسترازينيكا مع لقاحات شركتي Moderna وPfizer التي أثبتت أنها فعالة بنسبة 95% تقريباً، فإن ذلك صعب لعدد من الأسباب. أبرزها أن المطورين يحسبون حالات الإصابة بفيروس كورونا بطرق مختلفة، فحصت تجارب أسترازينيكا وأكسفورد المشاركين بحثاً عن إصابات بدون أعراض، بدلاً من الاعتماد على الأعراض المبلغ عنها ذاتياً، لذلك قد يبدو عدد الحالات بعد التطعيمات أعلى من Pfizer، التي اعتمدت على الإبلاغ الذاتي من قبل المرضى (مع اختبار متابعة تأكيدي).

مهما كانت نتيجة التحليلات الأكثر شمولاً، فمن الواضح أن العالم لديه ثلاثة لقاحات عالية الفاعلية. ويمكن طرح لقاح أسترازينيكا بسرعة كبيرة، إذ يمكن إنتاجه في العديد من المواقع حول العالم، ويمكن صنع 3 مليارات جرعة العام المقبل (مقارنة بـ1.3 مليار بواسطة شركة Pfizer-BioNTech).