قانون الانتخابات المعدل.. جدل المزايا والعيوب
قانون الانتخابات المعدل.. جدل المزايا والعيوب

تقرير: قانون الانتخابات المعدل.. جدل المزايا والعيوب

مهّد رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس لمرسومه الذي حدد إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية واستكمال تشكيل المجلس الوطني الصيف القادم، بإصدار قرار بقانون لسنة 2021 يقضي بتعديل قانون رقم (1) لسنة 2007 بشأن الانتخابات العامة.

أثار هذا التعديل تساؤلا حول دوافع وماهية التغيرات التي طرأت على قانون الانتخابات العامة؟، وهل تلبي مصلحة الفصائل الفلسطينية، التي لم تسجل اعتراضا عليه؟، وماذا يحقق لفئات الشعب المختلفة؟

جدل “النظام النسبي”

المختص في الشأن الانتخابي وقوانين الانتخابات د. طالب عوض، قال لموقع “زوايا“، إن الهدف الأساس من التعديل هو تغيير النظام الانتخابي من “مختلط إلى نسبي كامل”، ومعالجة مسألة المحكمة المختصة المخولة بالنظر في قضايا الانتخابات، فضلاً عن تعديلات اتصلت بجوانب سياسية وقانونية، كما ورد في متن القرار بقانون الجديد.

وكان النظام النسبي الكامل موضع جدل بين الفلسطينيين، حيث سجل حقوقيون ونشطاء ومواطنون اعتراضهم عليه، باعتباره “لا يساعد الشباب على منافسة الأحزاب”، و”سينتج كوكتيل من نتائج هزلية”، و”ستضم القوائم أسماء لم تخضع للمساءلة”، و”ستوفر القوائم الحزبية للفاسدين حماية من الفشل”، و”التمثيل النسبي لن يصلح ما أفسدته الأحزاب”، كما جاء في منشورات عدة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وفي حين رأى البعض أن نظام التمثيل النسبي الكامل، والذي وافقت عليه حركتا “فتح” و”حماس”، مرتبط بالحديث عن محاصصة انتخابية ضمن قائمة “مشتركة” تجمعهما، إلا أن عوض رد بالقول: “ليس بالضرورة أن يكون الهدف من النظام الجديد تسهيل فكرة تحالف القوائم”.

وطُرحت فكرة القائمة المشتركة في تصريحات قيادات بالحركتين، لا سيما عضو مركزية حركة فتح، جبريل الرجوب، ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، صالح العاروري، خلال لقاء مباشر جمعهما لأول مرة عبر تلفزيون فلسطين في تموز/يوليو العام الماضي، كان مقدمة مشاورات ثنائية وفصائلية أفضت بعد تعثر إلى توافق على انعقاد الانتخابات.

ويعتقد خبراء الانتخابات أن مقترح القائمة المشتركة بين حركتي “فتح” و”حماس”، خاضع لقرار سياسي من قيادتهما، وليس نتيجة للنظام النسبي الكامل.

واستذكر عوض أن “القائمة المغلقة”، كانت مطلب المجتمع المدني منذ زمن، ولكن “فتح” كانت ترفضها في وقت كانت “حماس” ترغب بها حتى دخولها المجلس التشريعي عام 2006، ثم رفضتها حماس بعد ذلك، ثم جرت حوارات ووساطات محلية وإقليمية انتهت بإقناع “حماس” بها حتى قبلت مؤخراً.

والقائمة المغلقة: تعتمد على أن ترتيب المرشحين على القائمة يكون ثابتاً وحسب ما يعتمده الحزب الذي يقوم بتسمية القائمة، حيث لا يمكن للناخبين التعبير عن أية خيارات أو تفضيل أي من المرشحين عن غيرهم أو تعديل ترتيبهم، بحسب تعريف شبكة المعرفة الانتخابية.

“النسبي الكامل”: طاردٌ للمناطقية وضامِنٌ للاستمرارية

من جانبه، عبر عضو المجلس المركزي الفلسطيني، والقيادي في حركة فتح، نبيل عمرو عن تأييده للنظام “النسبي الكامل”، باعتباره “عادلاً وله مزايا أكثر من سلبياته”، موضحاً أن العديد من دول العالم تعتمده، بما فيها الاحتلال الإسرائيلي.

وبيّن في حديثه لموقع “زوايا” أن النظام الانتخابي الجديد يخفف من “نزعة المناطقية والعشائرية”، لأن التصويت يتم لقوائم على مستوى الوطن لا الأفراد، فهي “مُناسِبة لنا أكثر”، ذلك أنه في حال جرى اعتقال أو استنكاف أو وفاة أو استشهاد أي نائب، يأتي الذي يلي بترتيب القائمة كي يحل محله، وهو ما يضمن استمرار المؤسسة التشريعية، وعدم تأثرها، وإصابتها بالشلل.

واستبعد عمرو أن تتحقق القائمة المشتركة التوافقية بين حركتي “فتح” و “حماس”، لأنه لن تكون لها مصداقية، وتبدو وكأنها محاصصة والتفاف على الانتخابات، مشيراً إلى أن المطلوب حكومة ائتلافية، وليس قائمة ائتلافية.

التزام المرشّحين بميثاق منظمة التحرير

من الأمور السياسية المهمة في قانون الانتخابات المعدل، والتي أشار إليها الخبير بالشأن الانتخابي طالب عوض، أنه جرى التشديد على “ضرورة التزام المرشحين بميثاق منظمة التحرير ووثيقة الاستقلال”.

وأوضح أنه في ديباجة القرار بقانون تعديل كانت هناك إشارة ضمنية إلى شرط التقيد بمبادئ الميثاق الوطني، وأحكام النظام الأساسي المنبثقين عن منظمة التحرير.

والتوافق على القانون الانتخابي العام “المعدل”، وإصدار مرسوم يحدد مواعيد الانتخابات، يعتبر تمهيدا للانتقال إلى مرحلة الحوار بين كافة الفصائل في القاهرة، من أجل الاتفاق على كامل تفاصيل الانتخابات التي طال انتظارها.

تعديلات لمسائل قانونية وسياسية

ومن الأمور اللافتة التي طالها التعديل، ما اعتبرها عوض، “خطوة إلى الأمام نسبياً ولكن غير كافية”، ما يخص تعزيز حضور المرأة بالقوائم الانتخابية، موضحاً أن القانون الانتخابي المعدل رفع نسبة تمثيل المرأة بالقوائم الانتخابية من 20% سابقاً إلى 25% حالياً.

أما سن الترشح فهو 28 سنة حيث بقي كما نص قانون الانتخابات الصادر عام 2005. فضلاً عن تعديلات تتعلق بقضايا إجرائية خاصة بلجنة الانتخابات المركزية.

وبالنسبة لانتخابات الرئاسة، أتاح التعديل الفرصة لجولتين للتصويت من أجل حسم المرشح الفائز بمنصب رئيس دولة فلسطين، في حال لم يحصل أي من المرشحين على نسبة الحسم وهي 50+1، وكانت نتيجة المرشحين دون الخمسين بالمئة، فيتم حينها الذهاب إلى جولة انتخابية ثانية يتنافس فيها أعلى مرشّحين اثنين.

التعديلات لم تحدد عدد مقاعد المسيحيين

مسألة لافتة نوه إليها خبراء الانتخابات لـ”زوايا” بشأن مادة وردت في قانون الانتخابات المعدل، الذي اكتفى بالتشديد على تخصيص مقاعد بالمجلس التشريعي للمسيحيين، دون تحديد عددها، على خلاف الصيغة القانونية السابقة التي تضمنها القانون الصادر عام 2005، حيث حدد حينها عدد المقاعد الخاصة بهم بستة مقاعد.

وتوقع الخبير طالب عوض أن يصدر لاحقا مرسوم رئاسي يحدد عدد مقاعد المسيحيين في “التشريعي” الجديد، مُقترحاً أن يكون العدد 9 مقاعد، باعتباره “مناسباً”، ومقارباً لما هو معمول به في الأردن بهذا الصدد.

جديرٌ ذكره، أن القائمة الانتخابية، بحسب قانون الانتخابات المعدل، يجب أن تشمل 16 مرشحاً كحد أدنى، مع شرط ألا يقل أعمار المرشحين عن 28 عاماً، إضافة إلى شرط أن يكون المرشح مقيماً في الأراضي الفلسطينية ومسجلاً بالانتخابات.

الشباب والقوائم الانتخابية

في المقابل، عبرت الحقوقية والناشطة من قطاع غزة فاطمة عاشور في حديثها لموقع “زوايا” عن امتعاضها من الشروط الخاصة بالترشح والقوائم، لاسيما الشرط المتعلق بدفع القائمة 10 آلاف دولار، وحصولها على تزكية من ثلاثة آلاف توقيع من الناخبين، قبل خوض الانتخابات.

وقالت عاشور، إن هذه الشروط ليست سهلة، وتحول دون قدرة الشباب في غضون أربعة أشهر على ترتيب صفوفهم، في ظل حالة الفقر والضيق التي يعيشونها. وهذا بحد ذاته يشكل عقبة أمام حضور الشباب والمرأة بالشكل المطلوب، في مقابل تكريس المنظومة السياسية والحزبية القائمة، بحسب عاشور.

وتتخوف عاشور من أن الشعب لن يتمكن من أن يقرر بنفسه ما يريد في الانتخابات المرتقبة، وأن تحدث تزكية أكثر مما هي انتخابات، ودعت إلى توعية شعبية معمّقة لتفاصيل قانون الانتخابات المعدّل.

بيد أن القيادي في حركة “فتح”، نبيل عمرو، يرى أن حاجة القائمة الانتخابية لتزكية ثلاثة آلاف توقيع من الناخبين، ودفع عشرة آلاف دولار “ليست شروطا تعجيزية”، معتبراً أيضا أن فترة الأشهر الأربعة المتبقية “كافية لترتيب حضور الشباب بالقوائم الانتخابية”.

ورأى عمرو، في حديثه لموقع “زوايا”، أن مسألة احتواء القائمة على ما لا يقل عن 16 شخصا، سيجعل من السهل على المستقلين وغيرهم تشكيل قوائم تضمن الشروط المطلوبة، معتبرا في الوقت ذاته أن الشباب وحدهم لا يستطيعون تشكيل قوائم بحد ذاتهم لقلة خبرتهم، لكن يمكن تطعيم القوائم بالشباب النشيط والفاعل في المجال النقابي والمجتمعي والثقافي.

وشدد على حاجة القوائم للشباب لضخ دماء جديدة وحيوية، لا سيما أن رؤساء ثلاث سلطات هم من كبار السن، فرئيس المجلس الوطني سليم الزعنون هو رجل تسعيني، فيما يبلغ عمر محمود عباس الذي يشغل رئاسة اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ورئاسة السلطة 85 عاماً، فيما يرأس الثمانيني عيسى أبو شرار السلطة القضائية.

وتظهر الأرقام أن قانون الانتخابات المعدل يحرم أكثر من 880 ألفا (حوالي 31%) ممن يحق لهم حق الاقتراع من الترشح لعضوية المجلس التشريعي لصغر السن، كما يقيد ترشيح أكثر من 200 ألف موظف بربط ذلك بتقديم الاستقالة.

ولن يستطيع أكثر من 1.815 مليون فلسطيني ممن يحق له حق الاقتراع الترشح لمنصب الرئيس (حوالي 63%)، وذلك لصغر السن.