1.jpg
1.jpg

الأردن يقترب من بغداد ويتجنب دمشق

يعزز الأردن علاقته مع العراقيين، ويتجنب في الوقت ذاته السوريين، هذا على الرغم من وجود ايران في العراق وسورية، كمناطق نفوذ لطهران في المشرق العربي.

تبدو المعادلة هنا، لافتة للانتباه، فلماذا يتمكن الأردن من تعزيز علاقاته مع بغداد، برغم كل تعقيدات الوضع العراقي، ويتجنب السوريين، على المستوى السياسي والاقتصادي؟

في ظاهر الامر، قد يبدو التحليل هنا، من زاوية ايران، مقنعا، الا انه غير كاف، وليس حاسما، وحده، اذ ان هناك عوامل تتجاوز ايران في الملفين، بعضها محلي اردني، وبعضها إقليمي، ودولي، ولهذا فإن ايران ليست العنصر الوحيد في المشهد.

كان مقررا ان يزور الملك بغداد الأسبوع الماضي، لعقد قمة جديدة مع الرئيس المصري، ورئيس الوزراء العراقي، وهي ليست الأولى، اذ سبقتها قمم ثلاثية، في مصر، الأردن، والأمم المتحدة، وهذا يعني ان هذه هي القمة الرابعة المفترضة، التي سيتم عقدها لاحقا، بعد أن تأجلت بسبب الظرف الذي وجه مصر في ملف قناة السويس، وظروف ثانية، فيما عقد وزراء خارجية الأردن، مصر، العراق، قمة في بغداد يوم امس، لبحث العلاقات، وترتيبات القمة اللاحقة، التي قد تعقد الأسبوع المقبل، او الذي سيليه، وفقا للظروف.

رئيس الوزراء العراقي، يقترح مشروع شرق جديد، يضم هذه الدول، ويأتي السؤال طبيعيا، اذا ما كان هذا المشروع موجهاً ضد ايران، او لتخفيف نفوذها في العراق، ولماذا لا يسعى أي طرف عربي، في الوقت ذاته، لتطبيق ذات السيناريو مع دمشق الرسمية؟.

يمكن قراءة قدرة الأردن من الاقتراب من العراقيين، على عدة أسس، مقارنة بالموقف من السوريين، على الرغم من أهمية العلاقة مع دمشق، سياسيا، واقتصاديا، وهي علاقة تواجه تحديات، لكنها في الملف العراقي، حيث ايران موجودة أيضا، لا تواجه ذات الشيء، وهذا يعني حصرياً أن التقييمات تقول ان محاولات تخفيف النفوذ الإيراني في العراق، عبر إعادة استقطاب العراق، مؤهلة للنجاح، ولو جزئيا، مع اقتراب العراق أيضا من السعودية، ودول عربية ثانية، إضافة لوجود نفوذ أميركي سياسي وعسكري في العراق.

من جهة ثانية فإن التقييمات في الملف السوري، تشير الى كون التحالف السوري، مع طهران، وموسكو، وحزب الله، غير قابل للفك وإعادة التركيب، بما يجعل التركيز على العراق، يبدو مفهوما، حتى في اطار خلخلة القوس الممتد من طهران الى بغداد الى دمشق، مع الاخذ في الحسبان هنا، ان هناك قوى عراقية لديها حسابات لصالح ايران، وقد لا تقبل الانتقال الكلي من الحضن الإيراني، الى الحاضنة العربية، وقد تقبله جزئيا، بما لا يخل بالعلاقة مع ايران.

العلاقة الثلاثية بين هذه الدول تركز على التكامل الاقتصادي، وتتجنب الاختلافات السياسية، لكن الكل يدرك ان هناك تداخلا في الملفين السياسي والاقتصادي، وهنا فإن طهران تراقب هذه التحولات في العراق، وعلى ما يبدو لا تعترض عليها، في سياق قراءات أوسع لمنطق الأولويات في المنطقة، مع ادراك طهران ان لديها القدرة على افشال أي تقارب عراقي عربي.

هذا يعني ان تحليل اقتراب الأردن من العراق، وعدم اقترابه من سورية، يخضع للعنصر الإيراني، لكن من زاويتين متناقضتين، اذ في الملف العراقي هناك محاولات لاسترداد العراق الى الحاضنة العربية، وفي الملف السوري، هناك ضغط على الإيرانيين، ودمشق الرسمية، بسبب التحالف الكلي، مع وجود الروس، الذين لا نراهم في الملف العراقي، وبسبب العامل الإسرائيلي المرتبط بجوار سورية ولبنان للاحتلال الإسرائيلي.

يمكن فك أسرار اقتراب الأردن، من العراقيين، وتجنبه للسوريين، على الرغم من وجود مصالح اقتصادية للأردن مع سورية، على مستوى الافراد، والمؤسسات، والحكومات، فيما لا يمكن انكار تحديات تحول دون تعزيز العلاقات مع السوريين، حتى ان الأردن يحاول جلب كميات إضافية من المياه من إسرائيل، فيما كان هذا الجهد سيكون اسهل، لو حاول الأردن مع السوريين.

هي خريطة معقدة، لا يمكن قراءتها فقط، على أساس الوجود الإيراني في العراق، او سورية، اذ ان هناك حرباً في سورية، وموقفا دوليا من النظام، أيضا، في الوقت الذي لا تتطابق فيه المعادلة الأردنية مع العراق، وسورية، بذات التفاصيل، برغم وجود ايران في الملفين.