1.jpg
1.jpg

قوائم كثيرة ...أزمات عميقة ...وانتخابات ؟

منتصف ليلة 31 /3/2021 أغلقت لجنة الإنتخابات المركزية باب الترشيح على 36 قائمة انتخابية، جرى اعتمادها جميعاً بعد التحقق من صحة كافة اوراقها ووثائقها ومطابقتها للمعايير والشروط المطلوبة من قبل لجنة الإنتخابات المركزية.

من خلال الإستعراض لهذه الكتل فإنها تمثل مكونات ومركبات حزبية وسياسية متنوعة بالإضافة الى قوائم لشخصيات اقتصادية وقطاع خاص وأخرى عشائرية ومستقلة وشبابية حراكية ....وهذا التنوع والتعدد عكس في أحد جوانبه رغبة في إجراء عملية تغيير في ظل غياب حياة ديمقراطية منذ 15 عاماً وتفرد وهيمنة على النظام السياسي "حماس" على القطاع وحركة "فتح" على المنظمة والسلطة ....وكذلك إنسداد الأفق السياسي و"التغول" على المجتمع المدني والحقوق والحريات وتدهور الأوضاع الإقتصادية والحياتية وتنامي الفساد والمحسوبية، والفشل في معالجة ملف جائحة " كورونا" ....وبنظرة سريعة على القوائم الإنتخابية نجد بأن هناك حالة من التشظي والإرباك والخلافات الداخلية على القيادة والزعامة تعيشها القوى السياسية الفلسطينية على المستوى العام وعلى المستوى الداخلي لكل فصيل، فحركة فتح خرج عن قائمتها المركزية اثنان من أعضاء لجنتها المركزية الأخ ناصر القدوة والأسير القائد مروان البرغوثي، وقاما بتشكيل قائمة" الحرية ...."وهذا يشكل تحديا كبيرا لقائمة فتح الرسمية، يضاف لهذا التحدي قائمة ( التيار الإصلاحي) بقيادة عضو اللجنة المركزية المفصول محمد دحلان،ناهيك عن أن العديد من القوائم المستقلة والعشائرية "تغرف" من أصوات وجمهور حركة فتح والتي ستكون المتضرر الأول من هذه الإنتخابات ..حيث صعوبة أوضاعها الداخلية ومحاورها دفعتها للتخلي عن قرار لجنتها المركزية السابق بعدم خوض اعضاء مركزيتها والوزراء ووكلاء الوزراء والسفراء واعضاء الثوري وغيرهم للإنتخابات، ولكي نجد خمسة من أعضاء مركزيتها يتصدرون القائمة الفتحاوية، وهذا عزز من الشرخ والإنقسام والخلافات في أوساط كادر وقواعد الحركة،...وفي المقابل وجدنا بأن القوى اليسارية والديمقراطية، والتي هي تنهل أغلبها من نفس المنبع الفكري والأيدولوجي ،وتتقاطع في الكثير من القضايا السياسية،وتتفق حول البرنامج الديمقراطي الإجتماعي فشلت في ايجاد وإخراج قائمة موحدة وحالت الخلافات بينها بالتوافق على قائمة موحدة،تشكل مركز استقطاب شعبي وجماهيري يكسر الثنائية السياسية ( فتح و حماس)...جزء من عدم توافقها له علاقة بالإنشداد للذات وتضخيم الحجوم والترتيبات المتعلقة بالقائمة والحساسية والإنشداد للماضي وربما عدم نضج الظروف الذاتية لعبت دوراً كبيراً في هذا الجانب ....وبدت كتلة حماس اكثر تماسكاً، رغم الخلافات التي ظهرت في انتخابات الحركة الداخلية لإنتخاب قيادة جديدة لها، حيث فاز السنوار بصعوبة بالغة بقيادتها في قطاع غزة وعدم فوزه كان يعني بأن الخلافات والتجاذبات والصراعات ستظهر على السطح كما هو الحال في حركة فتح ...ولا ننسى بأن الجبهة الشعبية ، هي الأخرى قد واجهت تحديا داخليا وان كان جزء كبير منه قد تم التغلب عليه بحوار داخلي في رفض جزء من المحسوبين عليها المشاركة في العملية الإنتخابية لإعتبارات تتعلق بالأساس السياسي الذي ستقوم عليه الإنتخابات، وجاءت رسالة أمينها العام الأسير القائد سعدات، لكي تقول بان الجبهة متمسكة بموقفها السياسي وبرنامجها ولن تكون جزء من حكومة ومنظومة اوسلو .... وكذلك عاشت الديمقراطية أزمة داخلية بخروج عدد من قياداتها وكوادرها على خلفية المشاركة في العملية الإنتخابية، خروج متعلق بالترتيبات الداخلية والحديث عن إنعدام الديمقراطية الداخلية ...في حين القوائم الأخرى من حزب شعب وفدا واجهت هي الأخرى اشكالات وتعثرات متعلقة باوضاعها الداخلية، ورسم تحالفاتها. .....تعدد القوائم وأعدادها سيعطي المجال لدخول أكبر عدد من الكتل في النظام السياسي الفلسطيني الجديد، فحالة التشظي الداخلية على الرغم من سلبيتها والتي قد تدفع الأمور نحو اوضاع سياسية ومجتمعية خطرة، بما في ذلك حالة من الشلل قد يعيشها المجلس التشريعي القادم ....سيكون لها الكثير من التداعيات على شعبنا وقضيتنا ومشروعنا الوطني، وكذلك هذا الكم من القوائم المترشحة للتشريعي سيؤدي الى تشتت كبير في الأصوات، وربما تصبح قوائم غير حزبية بيضة القبان في المجلس التشريعي الجديد، فهناك قوائم وأحزاب مرشحة بأن تخرج من تشكيلة النظام السياسي .

المأساة والكارثة بأن لا تجتاز نسبة الحسم قوى وأحزاب لها تاريخ طويل وعريق من النضال والتضحيات، دفعت شهداء وأسرى وجرحى، وما زالت تدفع وتقدم وتناضل، وهي من الفصائل المؤسسة في المنظمة، ولكي تأتي قوى عشائرية أو ممثلة للرأسمال والمنظمات غير الحكومية، لكي تحل محلها، بما يؤشر الى عمق ازمة النظام السياسي الفلسطيني، وما تشهده الحالة الفلسطينية من هبوط وجزر وأزمات تعيشها تلك القوى والفصائل مرتبطة بظروفها الذاتية واخرى موضوعية .

واضح بأن الوضع الداخلي الفلسطيني تتعمق أزماته، وبأن الإنتخابات التشريعية أوجدت حالة من الحراك والجدل غير المسبوق في الساحة الفلسطينية، والإنتخابات الفلسطينية لم تعد شاناً داخلياً فلسطينياً فهناك لاعبين ومتدخلين في هذه الإنتخابات، الإحتلال الصهيوني في المقدمة، فهو لا يريد أي انتخابات فلسطينية تنهي الإنقسام،أو تعزز من فوز قوى محسوبة على محور

المقاومة ،وكذلك أمريكا ودول عربية تنعكس عليها نتائج هذه الإنتخابات بشكل مباشر، ولا ننسى هنا إمتدادات حماس العربية والإقليمية.

حتى هذه اللحظة إجراء الإنتخابات بمحطتها الأولى غير مضمون،ولا يتوقع ان تصل الى المحطتين الثانية ( انتخابات رئاسية) والمحطة الثالثة ( انتخابات مجلس وطني)،ولربما تكون هذه الإنتخابات على ضوء ما تعيشه القوى والأحزاب السياسية الفلسطينية من تصدعات وازمات داخلية وصراعات وبالذات حركة فتح ،واحد من الخيارات إلغاءها او تأجيلها من بوابة القدس...بعدم السماح لسكانها العرب المقدسيين بالمشاركة في هذه الإنتخابات انتخاباً وترشيحاً،حيث سمعنا تصريحات للبعض بأن الإنتخابات ترشيحاً وانتخاباً ستجري في القدس رغم أنف الإحتلال، فمنذ الإنتخابات التشريعية الأولى في عام 1996 ومن ثم 2006 إستجابوا للشروط الإسرائيلية لإجرائها بأن ينتخب عدد محدود من سكان القدس في مراكز البريد الإسرائيلية كرعايا في دولة أجنبية والجسم الأكبر منهم انتخب في مراكز انتخابية خارج حدود سيطرة بلدية الإحتلال...ولماذا الان الحديث المتواتر والمكثف عن أن منع سكان القدس من خوض الإنتخابات ترشيحاً وإنتخاباً ،من شأنه عدم إجراء هذه الإنتخابات ..؟؟؟ اذا كان هذا الموقف سيعيد فلسطين للقدس والقدس لفلسطين،وهذا يعني أن نعيد وقوف الهرم على قاعدته وليس على رأسه،فلا أحد يرفض هذا الخيار ،ولكن هذا الخيار إذا كان كلمة حق يراد بها باطل ولخدمة أجندات ومصالح فئوية ، فلا أعتقد بأن ذلك سيخدم قضية القدس وقضيتنا الفلسطينية.