توفيق أبو شومر1.jpg
توفيق أبو شومر1.jpg

جواب المبدع محمود درويش عن سؤال، يهوشوع؟!

هو، أبراهام بولي يهوشوع الكاتب والأديب والسياسي ذو الأصول الشرقية توفي يوم 14-6-2022، وهو في سن الخامسة والثمانين، هو من أبرز رموز الأدب في إسرائيل، منحوه جائزة إسرائيل الأدبية، لأنه كتب عدة كتب ومسرحيات وقصص للأطفال، (كان) رمزاً يسارياً بارزاً في إسرائيل، حتى أنه صار عضواً بارزا في حركة ميرتس وحركة السلام الآن، وكان منادياً بزوال الاحتلال، وتأسيس دولة مشتركة تكفل الحقوق الكاملة لكل مواطنيها.
أُعجب به يساريو العالم، ويساريو فلسطين، أسمته صحيفة، نيويورك تايمز (فولكنر إسرائيل) لشبهه بالروائي الأميركي البارز، الحاصل على جائزة نوبل، وليم فولكنر المتوفى عام 1962. أ.ب يهوشوع، أصبح بهذه اليسارية (المزيفة) محاضراً في جامعتَي، إكسفورد وهارفارد، حضر توقيع اتفاقية جنيف لأنه كان يرفع شعارات السلام والمساواة والعدل.
هذا اليساري تبرَّأ من يساريته في سنوات عمره الأخيرة، فعل بالضبط كما فعلت إسرائيل حين تبرَّأت من كل مظاهر يساريتها، أعلن براءته من يساريته وفق المراحل التالية:
بدأ يهوشوع أولاً بمهاجمة يهود أميركا أسماهم (نصف يهود) لأنهم لم يهاجروا إلى إسرائيل، قال: «لا يمكن أن يكون اليهودي يهودياً إلا في إسرائيل، إن يهود الدياسبورا يغيرون يهوديتهم كما يغيرون معاطفهم، هم يلعبون باليهودية» وهو بهذا تحول من كاتبٍ يساري تقدمي إلى حاخام ينتمي للتيار الديني الصهيوني، ممن لا يُجيزون حتى أداء شعائر الدين اليهودي إلا في أرض الميعاد، ويجيزون للزوج أن يطلق زوجته إذا رفضت الهجرة إلى إسرائيل.
لم يكتفِ هذا (الحاخام) الأديب بارتداء ثوب الحاخام المستوطن، بل أصبح يُبرر الاحتلال والاستيطان، حين قال لصحيفة هارتس، 10-12-2016 : «زال إيماني بحل الدولتين، لم يعد هذا الحل ممكناً، لا يمكن اقتلاع نصف مليون مستوطن من منطقة سي، إن حل الدولتين غدا مستحيلاً»!
وفي مرحلة تالية أصبح يُطارد كل الأدباء والمفكرين الفلسطينيين أيضاً، ويشكك في انتمائهم، كما ورد في حوارٍ بينه وبين الأديب الفلسطيني، محمود درويش، حين سأل يهوشوع المبدعَ محمود درويش سؤالاً لئيماً: «هل تشعر يا محمود أنك تعيش هنا في بيتك؟»
ردَّ عليه شاعرُنا المبدع بجواب قاطع: «أشعر يا يهوشوع أنني صاحبُ البيت»!
طال انتقاده الجارح أيضاً الأديب الفلسطيني، أنطوان شماس، عندما أصدر روايته، أرابيسك، أنكر عليه كتابتها باللغة العبرية المحكمة، وقال له يهوشوع بسخرية: هذه رواية عربية كُتبت بلغة عبرية.
لم يكتفِ يهوشوع بنقد المبدعين الفلسطينيين، بل طال نقدُه الجارح الكاتب الحُر في صحيفة هآرتس جدعون ليفي، حين وجه له رسالة خاصة صادمة بعنوان: رسالة مفتوحة إلى جدعون ليفي وهي رسالة تحذيرية (استخبارية) قال: «إن قراءة مقالاتك تُثقل ضمائرنا، قراءتها صعبة، أنا أهتم بسلامتك الجسدية، علمتُ أنك تُخاطر بحياتك! لماذا لا تذهب إلى المستشفيات الإسرائيلية، وتكتب عن ضحايا الإرهاب (الفلسطيني) فلأول مرة في التاريخ يحظى الفلسطينيون بقطعة أرض (غزة) عليهم أن يكتفوا ويقيموا فوقها حكماً عادلاً مستقلاً!»
هو ذاته، أبراهام بولي يهوشوع، فهو يلخص مسيرة إسرائيل بالضبط، حينما ابتدعت إسرائيلُ في بداية تأسيسها الحركةَ (الكيبوتسية) وهي حركة ما بعد الشيوعية، لغرض جذب مهاجري الدول الشيوعية فقط لا غير، ثم بدأت بعد انهيار المنظومة الشيوعية تسير نحو دولة دينية حريدية متزمتة، ثم ها هي اليوم تصبح دولة أبارتهايد استيطانية، ودولة قمع استخبارية تغتال، وتُبعد، وتطارد كل ناقدي سياستها!